رغم الصعوبات التي تسببها وتيرة التحول الهائل في كل المجالات العلمية وما تثيره من تنافس شرس للنجاح والصدارة، تستمر الشعوب في تطوير مهاراتها التعاملية وسلوكها الحضاري ومنظوماتها الارتقائية إلى التوازن النفسي وما بين الواجب والحقوق.
بعض الموريتانيين يحتفل اليوم بعيد الاستقلال في أجواء من الصخب الشديد مستغلين سياراتهم الغالية ومرتدين ملابسهم القشيبة، تبدو عليهم راحة البال وعلى قسمات وجوههم علامات السعادة وأبدانهم مظاهر الصحة، يرفعون الرايات الخفاقة و تصدح أبواق سياراتهم بالأناشيد الوطنية.
عندما يستبطن النفاق عقول أفراد نخبة "شعب" َالثقافية والسياسية والعلمية، ويطبع سلوكهم بالمجاملات والخنوع تارة، وبالصلف والغرور تارة أخرى فإن ذلك يكشف - بما لا يترك مجالا للشك - حالة "متلازمة الوجهين" التي أوحت قديما لرواد المسرح أيام الاغريق بشعاره وأبدت لهم سر قوته في الاحاطة بمكنونات النفس البشرية عبر تقلباتها اللامتناهية والمحاصرة لها بين الضحك وال
على العكس مما يروج البعض في سعي غرضي مكشوف إلى المساس بمكانة الدبلوماسي المخضرم والإعلامي البارز والسياسي المحنك السيد شيخنا ولد مولاي الزين، تتأبى الحقيقة العصية، التي يريدون طمسها، إلا أن تفقأ العيون وتطرق الآذان.
لا يمنع حق التعبير ولايعاب من قصور لغوي في أي مكان إلا أن يضر بمعتقدات الأقوام في حيزها، ويعوق سلم المجتمعات في بلدانها، واستقرار الأوطان بتفكيك نسيجها، مهما بلغ الخطباء في جزالة لغة التعبير أو على العكس تردوا في انحطاط الأداء.
بينما تشهد السياسوية أوج ازدهارها في فصاءات التعاطي المومس تحت خيام الرجعية الحمراء، في أكواخ الطبقية العصية على الزوال وداخل أعرشة الشرائحية الممزقة الأوصال بين الانهزاميين أمام إغراءات التبعية وبين المتعاطين نخاسة القضايا الحقوقية والانسانية المفضوحة، ممارسة يكفر فاعلوها بقواعدها الصارمة ويتدثرون بادعائية الانضباط الجريئة والالتزام الكاذب؛
سبيلا منها إلى كسر الجمود المخيم على المشهد الثقافي الوطني تقوم جمعية الشيخ سيديا باب الموقرة بإحياء ندوات علمية من طراز رفيع حول مواضيع متنوعة، رفيعة المستوى وبالغة المقاصد العلمية في التقديم الأكاديمي والطرق المنهجي؛ مراضيع تنعش الذاكرة التاريخية لتربط الماضي المشرق بالحاضر الذي تهدده العولمة بسلب الخصوصية الثقافية وتشويه الميراث التاريخي العظيم.