شهود – قال الأستاذ أحمد سالم ولد بوحبين إن موريتانيا مقبلة على طفرة اقتصادية فير مسبوقة تتطلب التركيز في هذه المرحلة على تحديد مكان المواطن في قلب التنمية التي ستحصل، وكيف سينال حقه من الرفاه مع استغلال هذه الثروات الهائلة التي لا يستوعب الموريتانيون بعد حجمها، ولا يدركون أنها ثروات استراتيجية يتطلب استغلالها استدعاء الممولين والشركاء العالميين للاستثمار في ظل غياب الإمكانات لتحقيق ذلك.
أضاف ولد بوحبين مذكرا أن الشركاء لا يتفاوضون مع الأشخاص، وزيرا كان أوابن رئيس أو صهره أو أخيه، بل على قاعدة التعامل، الثابتة عندهم، مع جنس المؤسسات الراسخة. وعليه فلا بد من الاستثمار في مؤسسات قوية مستقلة تعمل ذاتيا كالمحرك، سلك الجمارك يؤدي بصرامة عمله ومصلحة الضرائب تجبي مستحقاتها بلا عائق، الإدارة تؤدي بشفافية والعدالة باستقلالية.
وبالطبع يؤكد الأستاذ أنه لا يمكن لهذا النظام أن يقوم إلا إذا انصب الجهد على الكادر البشري والمستثمرين والقطاع الخاص الخلاق والمبدع ليكون جزء فعالا من هذا النظام. كما أنه يجب اعتماد الأطر الأكفاء واستعادة المهاجرين منهم والقريبين الذي يتحينون فرصة القدوم للمشاركة بخبراتهم، كما يتحتم البحث عن الأطر الموريتانيين المغمورين والهمشين الذي لا حظ لهم في ظهير وزيرا أو وجيها يدعمهم ويحميهم أو يقدمهم إلي المكان المناسب لتظهر خبراتهم وقدراتهم.
ويضيف الأستاذ ولد بوحبين أنه من الضروري إنشاء "وكالة خاصة" تقوم على تحديد الحاجة من المهندسين والخبراء والكوادر الفنية، وتعمل من بعد على تكوينهم. كما أن للجامعة دورا يجب أن تضطلع به لتلبية الطلب من الكفاءات الضرورية في هذا المنعطف. فعوضا عن إغلاق أبوابها خلال فترات غياب الأنشطة لديها ـ كما لاحظت مؤخرا ـ يجب أن تظل مسرحا حيا للتعليم، تدرس فيها وعلى الدوام، في جميع الميادين، اللغات الأجنبية، القانون، علوم الإدارة، المالية، التخطيط، تقنيات المحاسبة وغيرها من المواد كما هو الحال في جامعات السينغال التي أحاطت بذلك احتياجاتها لضرورات استغلال خيراتها وتطوير بلدها وتحقيق رفاهية مواطنيها.
ويختم ولد بوحبين بالقول إن هذا لن يحصل إلا في إطار نموذج اقتصادي متكامل نحن من يجب علينا وضعه بعيدا عن النماذج المعلبة التي تأتي على العادة من الخارج وحتى إذا ما قدم الممولون وجدوه قائما بكل أركانه. وهو النموذج المتكامل الثابت الذي يضمن استمرارية لا تتأثر بتغيير وزير أو إطار لأي سبب كان، فالأشخاص يذهبون والمؤسسات باقية في الزمان والمكان تتعامل مع كل مستجد بفضل الأشخاص، موريتانيين أكفاء، الذين يجب الاعتناء بهم والاستفادة من مهاراتهم في كل الميدان ومن كفاءاتهم في التسيير والتخطيط والاستشراف العلمي صمن إطار نموذج اقتصادي متكامل.