العلامة والأستاذ الجليل حمدا ولد التاه في ذمة الله

ثلاثاء, 13/02/2024 - 10:28

و م ا / العلامة، الشيخ، الأستاذ الجليل، المفكر الإسلامي، العالم الأديب.. ألقاب منبئة عن عظمة وفضل وعلم المُلَقب، وقد ارتبطت بفقيد العلم والمعرفة والأدب وحب الخير للناس، المغفور له حمدا ولد التاه.

لقد وصل الراحل في رحمات وعفو ربه، مرتبة لم يصلها غيره، وأسدى لهذا البلد وشعبه أيَادِي لم تُمنن وإن هي جلت!

ارتبط ذكره بالفهم الثاقب المستنير لأحكام الشرع وتكييفه المنطقي المستند للنصوص والنابع من الواقع لكل مُستجد، والسعي الدائب في مصالح المسلمين وبذل الوسع في نصحهم وإرشادهم وتفقيههم في أمور دينهم، والأدب والتواضع وحسن الخلق، فخلال عقود متتالية كان منزل الشيخ حمدا، رحمه الله، محط رحال المتعلمين والباحثين عن أحكام معاملاتهم ونوازلهم الفقهية المعاصرة التي تُشْكل عليهم، والمتذوقين للأدب الراقي والشعر الجزل والتعبير الباذخ.

ولد الشيخ حمدا، سنة 1933، بضواحي مدينة المذرذره، ودرس القرآن الكريم على القارئ المشهور سيدِ ابن والد، وأخذ العلم عن خاليه القاضي محمذن “اميي”، والقاضي حامد ابني ببها، وعن العلامة محمد عالي بن محنض والعلامة گراي ابن أحمد يورَ.

وخلال مسيرته الوظيفية تقلد وظائف مهمة منها إدارة التوجيه الإسلامي، ووزارة الشؤون الإسلامية، وعضوية المجلس الإسلامي الأعلى، والأمانة العامة لرابطة علماء موريتانيا، وعضوية المجلس الأعلى للفتوى والمظالم.

وقد أنعش الشيخ حمدا، الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية، والمحاضرات والبرامج الإذاعية والتلفزية، حيث كان لسنوات نجم البرامج الرمضانية بلا منازع؛ وهو الذي ضم إلى سعة العلم والنظرة المقاصدية، الأدب الجم ومعرفة المجتمع.

وقد ترك الراحل منجزا تأليفيا منه: اختصار موافقات الشاطبي، وجدولة مختصر خليل، ونظم الثقلاء، وأربعون حديثا في فقه قضايا معاصرة، وجدولة المنطق، وجدولة علم البلاغة والأصول، وتلخيص الخلاصة، وتلخيص الإتقان في علوم القرآن، ونظم في أحكام المساجد، ومنظومة المستجدات الفقهية.

كما ترك ديوان شعر يتميز بالسلاسة وقرب المأخذ مع الجودة.

 

وفي يوم الاثنين الثاني من شعبان 1445 هجرية، الثاني عشر من فبراير سنة 2024، رحل العلامة الشيخ حمدا ولد التاه، عن عالمنا الفاني، بعد عمر حافل بالعلم والتعلم والسعي فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض.

وبهذا الرحيل يكون البلد فقد واحدا من أبرز علمائه وانهدَّ طود شامخ من أطواده، فرحم الرحمن ذلك الشيخ الجليل وجزاه عنا خيرا وأحسن عزاء أهل بيته الكريم وعموم أهله وتلامذته ومحبيه وكل الموريتانيين، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد أدى آلاف الموريتانيين بعد ظهر اليوم الاثنين بساحة جامع ابن عباس في نواكشوط، صلاة الجنازة على روح المغفور له بإذن الله تعالى العلامة حمدا ولد التاه.

وقد شارك معالي الوزير الأول السيد محمد ولد بلال مسعود وعدد من أعضاء الحكومة، إلى جانب العلماء والأئمة، في تشييع جنازة فقيد الأمة، وذلك قبل دفنه إلى جانب والده في مدفن “المدروم” بين المذرذرة وتكند.