لا شك أن البلاد، على غرار دول العالم كله، تواجه وباء الفيروس التاجي المعروف اصطلاحا بالكوفيد19. كما أنه لا مراء في أنه، ومنذ الوهلة الأولى، بادر رئيس الجمهورية بإعطاء التعليمات الصارمة للحكومة، ومنها على وجه الخصوص السلطات الصحية والأمنية، لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والضرورية من أجل ألا يغفلنا الوباء فتصعب السيطرة عليه.
من هنا كان ما تحقق ويستمر لحد الساعة من "شبه تطويق" للوباء وتحصين للبلد أمام دخوله بقوة، فأغلقت المطارات أمام حركة الطيران وشددت المراقبة على الموانئ واتخذت الحيطة لمنع التسرب من الحدود النهرية والبرية الكبيرة مع أربعة دول.
وعلى إثر هذا الجهد الكبير جاء عدد الحالات التي سجلت لحد الآن في الإصابات والوفيات كدليل لا يقبل الشك على هذه الصرامة وكتتويج ساطع للجهود الأمنية والصحية التي تبذل ويدعمها ما ظل يتعزز من الوعي والحيطة لدى المواطنين وتزايد التزامهم بالتعليمات التي صدرت عن سلطات البلد كلها وتوجتها حملات التوعية التي تقوم بها جهات من المجتمع المدني وأخرى من بعض الأحزاب السياسية كما هو الحال بالنسبة للحملة المكثفة المتواصلة التي يقوم بها حزب الاتحاد من أجل الجمهورية أقدم خلالها على توزيع مطبوعات عن الفيروس وطرق الوقاية منه وأيضا مواد معقمة ومغاسل لغسل الأيدي.
ولكن هذا الجهد الكبير من السلطات الذي تصحبه سياسة سامية لدعم الأسر الفقيرة والتوفير لها طريم العيش طيلة الأزمة وهي مجبرة على الالتزام بالحظر العام والبقاء في المنازل، يتعرض لحملة لبست ثوب النقد لتتخطى حدود الإيجابي منه والمطلوب بشدة إلى ما يشبه محاولة خطيرة من بعض الجهات المشبوهة لتثبيط الهمم والفت في عضد السلطات الصحية والأمنية، الواقعة بفعل ضخامة المسؤولية وإلحاحية الواجب، ترزح تحت الضغط كما هو حال نظيراتها في جميع بلدان العالم أمام انتشار هذا الوباء. وهي الجهات الأمنية والصحية خاصة التي، وإن لم تسلم من بعض الخلافات الداخلية التي تضعفها حول:
ـ المقاربات،
ـ والمنهجية،
ـ وترتيب الأولويات،
فإنها تحاول جاهدة معا تجاوزه هذه الخلافات، التي باتت ثانوية بالنظر إلى خطورة الوضع، إلى التوحد الضروري حول المصلحة العليا وإلى تضافر المجهودات جميعها.
وهو الموقف العملي الذي تسعى جهات من داخل الجسم الطبي ومن خارجه، لحسابات سياسية صيقة تنبي في بعضها على حسابات أخرى من زمن ولى، إلى تقويضه جهدا عاما وكذا تثبيط الهمة، الأمر الذي قد تنجر عنه عواقب لا تحمد عقباها ومن بعدما تؤثر سلبا في النجاحات الباهرة التي تحققت على أرض الواقع وحققت الاشادة بها من طرف حكومات دول قوية عديدة ترزح شبه عاجزة تحت مخالبه الفتاكة.
والحقيقة أنه من غير المقبول ألا تأخذ هذه الحملة المسعورة فقط شكل "النقد البناء" والموجه إلى كافة نقاط الضعف ومكامن الأخطاء والاختلالات، التي لا يسلم منها على العادة أي عمل بشري، وحتى تصحح ويتحسن الأداء تباعا إلى غاية تحقيق هدف تحصين البلد وتحقيق المشاركة في التطهير منه على مستوى شبه المنطقة والقارة والعالم.