نعم، إنه تغيير هادئ، منهجي وجذري رفيع ذاك الذي بدأ يطرأ على نمط تسيير الدولة منذ فوز الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني وتوليه مقاليد الحكم، هدوء لا تكدره مناورات الجبهة السياسية الداخلية ذات خط متحجر لأمر في نفوس أصحابها، ولا كذلك الجبهة الخارجية التي تصر على خلط أوراق الماضي بما له وما عليه مع أزراق الحاضر الذي كرسته الانتخابات الأخيرة.
ولما كانت أولى علامات هذا التغيير قد تجسدت في تشكيل حكومة "تكنوقراطية" وإعطاء الوزراء فيها حرية تسيير قطاعاتهم على أساس مبدأ المكافأة والمحاسبة، فإن العلامة الموالية تجسدت في الخطوة ذات الصلة النابعة من مضمون قرار يقضي بأن اتصال هؤلاء الوزراء برئيس الجمهورية لا يتم إلا بواسطة الوزير الأول وهو الأمر، الجديد كلية، الذي يمنع هؤلاء من تجاوز التراتبية الحكومية.
ولا شك أنه بهذا القرار من رئيس الجمهورية ينتهي ما كان يعرف بـ"حظوة" بعض الوزراء عند الرئيس وما كان ينجر عنها من خروقات في التسيير والوساطات للتعيين ونيل الصفقات المريبة.
أو ليست في هذه الخطوات، التي تحققت ضمن المسار "الحكاماتي" الجديد، مؤشرات ناطقة بقيام نهج جديد يطلق مع الماضي؟