منذ سنوات تقف فنزويلا عند شفير الهاوية، عند حافة الانهيار الاقتصادي، والجوع، والفوضى العارمة. فنزويلا هي أكثر الدول ثراءً في أميركا اللاتينية. لكنها اليوم مهددة بالتداعي مع تضخم اقتصادي هائل ومستوى عالٍ من العنف الدامي. كما أن الفنزويليين يموتون لأسبابٍ أخرى غير العنف. فالمستشفيات عاجزة عن تأمين الرعاية الصحية التي يحتاجونها. وفي الشوارع تتنافس العصابات المسلحة على المال والسلطة.
هذا البلد، صاحبُ أكبرَ احتياطي للنفط في العالم كيف وصل إلى هذا الوضع؟ يُلقي العديدون باللوم على الثورة البوليفارية، ومن يمثلها، ويتهمونهما ب"تركيع البلاد".
لقد ورث نيكولاس مادورو السلطة عن سلفه ومرشده هيوغو شافيز عام 2013. لكن هذه السلطة أصحبت موضع شك حين أعيد انتخابُه لولاية ثانية مدتها ستُ سنوات. كان ذلك العام الماضي في تصويت طعنت به حكوماتٌ دولية عدة.
أما الشهر الماضي، استند زعيم المعارضة خوان غوايدو لمادة دستورية لتنصيب نفسه رئيساً انتقالياً. وفحصل على دعم الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي ودول عدة في أميركا اللاتينية.
لكن اليوم، في هذا البلد، عدد قليل من الناس قادرون على القول لنا من هو الرئيس. إنهم منقسمون بين مادورو وغويدو.
ولفهم ما يحدث في هذا البلد الثري والمهدد بالانهيار، سافرت زميلتنا أنليز بورجيز إليه. فكانت محطتها الأولى حوار مع الرئيس نيكولاس مادورو، الذي جاء كالتالي:
اليوم يحدث انقلاب والولايات المتحدة استخدمت آلياتها لإقامة حكومة دمى
"يورونيوز": اليوم، بلادك تقف عند مفترق طرق مع رئيسين لها. ماذا يحدث فعلياً في فنزويلا؟
مادورو: "من غير المقبول أن يكون هناك رئيسان للبلاد. في فنزويلا هناك، فقط، رئيس واحد منتخب شعبياً وفق الدستور، وفق المؤسسات السياسية الفنزويلية. وهذا الرئيس هو هذا العامل المتواضع الجالس هنا: نيكولاس مادورو موروس. حالياً، يحدث انقلاب، لكنه فشل، لقد قضينا عليه. جاء تحريضاً قامت به حكومة الولايات المتحدة داخل فنزويلا. الولايات المتحدة الأميركية استخدمت كل آلياتها السياسية والدبلوماسية والاقتصادية في محاولةٍ لإقامة حكومة دُمى في فنزويلا، أمرٌ غيرُ مسبوق في تاريخنا".
الاعتراف بغوايدو انتهاك لميثاق الأمم المتحدة ... ومحاولة لخلق علاقة استعمارية
"يورونيوز": لكنّ الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي مع دول في أميركا اللاتينية اعترفت بخوان غوايدو رئيساً مؤقتاً...
مادورو: "هذا انتهاك لميثاق الأمم المتحدة التي تحظر التدخل في الشؤون الداخلية وخرق لمبادئ الدستور الفنزويلي. هذا جزء من محاولة للسيطرة والاخضاع وخلق علاقة استعمارية جديدة مع فنزويلا. على أي حال، من يقرر الحياة السياسية في البلاد، من ينتخب الرؤساء داخل جميع دول العالم – هي سيادة الشعب ولا استثناء في فنزويلا. يمكنهم قول ما يحلو لهم – حكومة دونالد ترامب، الإدارة المتطرفة في البيت الأبيض والحكومات التي تدور في فلكها، لكن في فنزويلا الشعب هو صاحب القرار والسيادة. وليست حكومة أجنبية من تقرر ما نقوم به هنا".
النخبة المتطرفة في الإدارة الاميركية حولت المعركة الى معركة عالمية
"يورونيوز": لكن الشعب منقسم أيضاً. أود التركيز أولاً على الضغط الدولي. أنت تحت ضغط دولي لا سابق له. كيف ستحل هذا الامر؟ نعرف جميعاً خصومك. لكن من هم أصدقاؤك اليوم؟
مادورو: "أعتقد لدينا أصدقاء كثر حول العالم. بأي حال، إنها معركة عالمية. من يحول معركة فنزويلا لمعركة عالمية؟ مصالح النخبة المتطرفة التي تحكم الولايات المتحدة. الديمقراطية ليست المصلحة الحقيقية للنخبة في الولايات المتحدة. إنهم غير مهتمين بالديمقراطية في العالم، إنهم مهتمون بنهب ثروتنا. فهذه هي مصلحتهم الحقيقية".
البيت الأبيض أعطى أمراً بعدم إيجاد أي حوار
"يورونيوز": طلبت لقاءاً مع دونالد ترامب، فهل هي محاولة لحل هذه الازمة؟
مادورو: "حين طلبت اللقاء كان الوضع مختلفاً. أؤمن دوماً بإمكانية فتح خطوط للحوار ومن خلال الحوار من الممكن إيجاد تفاهم حول كيفية العيش مع بعض – تعايشاً سلمياً وباحترام. لكن هذا مستحيل. لقد قتلوا أيّ إمكانية للحوار، والتقارب، لقد قتلوا ذلك. البيت الأبيض أعطى أمراً بعدم إيجاد أي حوار وهذا مؤسف. أؤمن بالحوار، أؤمن بالكلمات، أؤمن بالدبلوماسية".
ما زلت أؤمن بالحوار مع المعارضة من أجل مصلحة فنزويلا وازدهارها
"يورنيوز": هل تؤمن بالحوار هنا في فنزويلا أيضاً؟ هل أنت مستعد حقاً للتحدث إلى السيد خوان غوايدو مثلاً؟
مادورو: "قمت بأكثر من أربعمئة اتصال مع المعارضة من أجل الحوار. المعارضة ذهبت أبعد بكثير من الرجل الذي وضعَته كرئيس مؤقت مزعوم. ذهبت أبعد بكثير. الظروف ساقت الرجل الى هنا. أنا ما زلت موافقاً ومستعداً للحوار مع المعارضة كمجموعة متكاملة أو مع أجزاءٍ منها، في أي زمان ومكان. آن ليز، حقاً أنا أؤمن ومقتنع بأن الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يساعد فنزويلا هذا العام وفي الأعوام المقبلة، هو الحوار الصادق مع برنامج منفتح، ومع هذا الحوار يمكننا تحقيق اتفاقيات من أجل مصلحة فنزويلا وازدهارها".
واشنطن جمّدت حسابات فنزويلا في الخارج ... والمساعدات لإذلال فنزويلا
"يورونيوز": أحد أهم شروط هذا الحوار قد يكون موافقتَك على دخول المساعدات الإنسانية الى البلاد، أمر ترفضه. رفضت دخول هذه الأشياء الى البلاد، لأنك ترى فيها تدخلات أجنبية، اعتداءً على سيادتك. فهذه آلية حالية، العديد من البلدان لديها ذلك وفنزويلا دولة لديها احتياجات كثيرة في الوقت الحاضر. ألا تعتقد أنه من الخطأ تحويل هذه القضية الى قضية سياسية؟
مادورو: "من الخطأ استخدام مبدأ المساعدة الإنسانية كقضية سياسية إيديولوجية، كطريقة لإذلال البلد. وهذا هو الخطأ الذي أقدمت عليه المعارضة الفنزويلية، وأرادت إدارة ترامب أيضاً إذلال البلاد. لقد جمّدوا أكثر من عشرة مليارات دولار في الخارج. هذا يعني أنه يتم التدقيق بحساباتنا في الخارج. فهذا يبدو وكأنهم يمنعوننا من استيراد الأدوية والمأكولات، لأنهم يركضون خلف مالنا الموجود في حسابات خارجية في كل زاوية من العالم. ثم، بعد أن جمدوا عشرة مليارات دولار أو أكثر، جاؤوا ليقولوا لنا إنهم سيعطوننا عشرين مليون دولار كأغذية ملوثة وفاسدة. إنها ملوثة".
المساعدات الغذائية ملوثة... أوقفوا هذا الاستعراض
"يورونيوز": ملوثة؟ لماذا ملوثة؟ هل لديك اثبات بأن الأغذية ملوثة، بأن هذه المساعدات ملوثة؟ أتعتقد فعلاً؟
مادورو: "المعلومات وصلت من كولومبيا بحد نفسها. إنها أغذية مليئة بمواد كيميائية مسرطنة... لم تُجر عليها التحاليل اللازمة. وقد سبق أن تسببت بحالات تسمم غذائي عديدة في كولومبيا. اليوم، بعيداً عن ذلك قاموا بتسييس مبدأ المساعدات الإنسانية. إذا أردتم أن تساعدوا بلدنا، أقول لدونالد ترامب وأقول لمايك بنس، وللحكومات التي تقف خلف هذا "الاستعراض": أقول لهم كفوا عن الحسابات التي اتخذتموها رهينة لكم، أطلقوا الذهب الذي سرقتموه ولفنزويلا ما يكفي من الموارد وغيرها لاستيراد الأشياء التي نحتاجها. أوقفوا هذا "الاستعراض" الرهيب في محاولة لخنق فنزويلا ثم ترسلون لنا الفُتات. فنحن لسنا بمتسولين".
تسليط الضوء على مشاكل فنزويلا لتبرير التدخل والهيمنة على البلاد
"يورونيوز": الوضع في فنزويلا اليوم صعب جداً. هناك نقص في الأدوية. // قبل يومين، زرت مستشفيات وتحدثت إلى أطباء، فقالوا لي إنه من الصعب العمل اليوم في محاولة لمساعدة الفنزويليين. خلال السنوات الماضية، شاهدنا صفوفاً طويلة للحصول على الأغذية. على الأقل، هل تقر بأن بلادك تعاني من مشكلة، من مشكلة خطيرة؟
مادورو: "قولي لي أيّ بلد في العالم، أو في العالم الثالث لا يعاني من مشكلة. قولي لي اسم بلد لا صعوبات لديه في القضاء على الفقر. أعطيكِ مثالاً على ذلك، كولومبيا أحد بلدان أميركا اللاتينية المجاورة... لم تذهبي إلى كولومبيا مع عدسات مكبِّرة. سبعون في المئة من شعب كولومبيا يعيش في فقر، ثلاثون في المئة يعيشون في بؤس. منذ سنوات غادر الناس كولومبيا. أكثر من خمسة عشر مليون كولومبي هاجروا، لكن لا أحد يسلط الضوء على ذلك. لماذا يسلطون الضوء على مشاكل فنزويلا؟ لتبرير قصة، سيناريو يبرر التدخل في بلادنا، للهيمنة على بلادنا".
الثورة البوليفارية هذ أمل الناس الوحيد منذ الانتهاء من الاستعمار
"يورونيوز": تتحدث عن تجارب الناس في الاحياء الفقيرة، في المناطق الشعبية في كاراكاس وغيرها من المدن. هؤلاء الناس الذين دعموا الثورة، ودعموا مرشدَك هيوغو شافيز الذي دعمك. العديد من هؤلاء الناس كانوا يتحدثون عن ظروف فائقة الصعوبة. العديد من الناس الذين تحدثت معهم، سيد مادورو، خلال السنوات القليلة الماضية حين جئت الى فنزويلا، قالوا لي إنهم يدعمونك لكنّ الأمورّ أصبحت صعبة جداً بالنسبة إليهم للاستمرار بذلك. فماذا تشعر حيال ذلك؟
مادورو: " إن لم يكن واعياً، إن لم يملك قيماً، إن لم يكن ثورياً، لكانت اختفت الثورة البوليفارية منذ زمن بعيد. القائد شافيز قيل له دوماً، إنك خسرت دعم الناس، لكنه لم يفز مرة فقط وإنما اثنتين وثلاث مرات. وأعيدَ قولُ ذلك لي منذ اليوم الأول الذي حمّلني القائد شافيز المسؤولية. لذا، هنا لديّ دعمُ قاعدةٍ واسعة النطاق. إنه دعم أخلاقي وروحي. إنه دعم سياسي عميق. هؤلاء الناس أنفسهم الذين تقولين إنهم يعانون، يملكون وعياً، إنهم يدركون ما يناضلون من أجله ويدركون أن الثورة البوليفارية هي أملهم الوحيد وهي كرامة وطنهم منذ أن انتهينا من الاستعمار. كوني مطمئنة، إن لم نفز بالعديد من الانتخابات خلال الأشهر الثمانية عشرة الماضية. لكننا فُزنا في ست انتخابات متتالية. وإن أقمنا انتخابات اليوم، يمكنني التأكيد أن ليز، إن أقمنا انتخابات اليوم للجمعية الوطنية، التي هي اليوم معلقة، فإن القوات البوليفارية ستفوز مرة جديدة".
تدخل الولايات المتحدة في فنزويلا سيفشل
يورونيوز": الانتخابات الأخيرة تم الاعتراض عليها من قبل دول عدة حول العالم. أرغب بالعودة الى ما قلتَه، وبدقيقة واحدة فقط، لأنني أرغب بالعودة الى ذلك. قلتَ، وكررت، إن فنزويلا هي ضحية اعتداء الولايات المتحدة عليها، وأنت تواجه حرباً اقتصادية. رغم ذلك هل تتحمل أي مسؤولية لما يحصل في البلاد؟ هل تعتقد أن إدارتك قامت بخطأ ما لتصل فنزويلا إلى ما عليه اليوم؟
مادورو: "بالطبع أتحمل المسؤولية، وإلا لما كنت في الحكومة، لما كنت رئيساً لهذا البلد ولما كنت زعيماً لهذه الحركة الثورية القوية، الحركة البوليفارية. أتحمل كل هذه المسؤوليات الاقتصادية والسياسية والتربوية للناس. طريقتنا تبدأ من القاعدة الى القمة، إنها تشمل جميع الحركات الاجتماعية. كل القطاعات، النسائية والشبابية والطبقة العمالية والمهنية. قبل المجيء الى هذا الحوار، مثلاً، كنت حاضراً حدث شارك فيه مئة ألف شاب للحديث عن مشاكل الشباب. أتحمل كامل المسؤولية. أخطاء؟ قولي لي من ليست لديه أخطاء. الخطأ الوحيد غير الموجود لدي ولن أقوم به على الاطلاق، هو خيانة الوطن أو الاستسلام أو الخنوع قبل دونالد ترامب. لن أقوم أبداً بذلك. لن ننصاع أبداً. سنسعى جاهدين لحل المشاكل والتغلب على الأخطاء. تأكدي آن ليز، أن فنزويلا ستمضي قدماً. لقد أدركنا أننا نملك حرية واستقلالاً عن امبراطورية الشمال أكثر مما نعتقد، وعن مرؤوسيهم الأوروبيين وبعض حكومات في أميركا اللاتينية. ونحن أكثر تحرراً واستقلالاً. هنالك عالم آخر. ظهر عالم جديد متعدد الأقطاب. هنالك أقطاب اقتصادية واجتماعية وعسكرية جديدة في العالم. لم يعد هناك قطب واحد فقط فيه تفرض وتأمر امبراطوريةٌ واحدة وينصاع لها العالم أجمع. لا! هناك عالم آخر وفنزويلا تبني هذا العالم الجديد وسنستمر في السير في هذا الطريق بسلام. الانقلاب الذين يحاولون فرضه على فنزويلا وتدخّل الولايات المتحدة سيفشلان وسينهزمان. عاجلاً وليس آجلاً سيجلسون للتحاور حول طاولة وسيُظهرون احتراماً واحتراماً للقواعد القانون الدولي".
علاقات تعاون وشراكة مع الصين ... وروسيا لاعب دولي كبير
"يورونيوز": أتصور أنك تتحدث عن أقطاب السلطة بمن فيها مثلاً، روسيا وتركيا والصين، كل منها حليف هام جداً لفنزويلا اليوم. ما الأهمية التي تعطيها لها. وما مدى شعورك بالامتنان لها؟
مادورو: "تشكل أهمية كبيرة جداً ليس فقط لفنزويلا وانما للعالم. جمهورية الصين الشعبية هي قوة اقتصادية عظيمة للقرن الحادي والعشرين، إضافة لكونها قوة سياسية عظيمة. لقد أثبتت أنها يمكننها أن تكون قوة عظمى دون أن تكون امبراطورية، دون إقامة علاقات هيمنة وابتزاز واستعمارية جديدة مع دول العالم. لدينا علاقات تعاون استثنائي، وشراكة استراتيجية مع الصين، واحترام ومصالح مشتركة حققت أرباحاً هائلة في التنمية والاقتصاد خلال السنوات الخمس عشرة الماضية. مع الاتحاد الروسي كذلك. روسيا تعافت. روسيا هي لاعب دولي كبير. إنها من الدرجة الأولى سياسياً واقتصادياً وعسكرياً ومع رئيسها بوتين لدينا تعاون وثيق. أعتقد أن هاتين القوتين إضافة الى القوى المتوسطة مثل تركيا والهند ومثل إيران وغيرها مثل جنوب إفريقيا... ستحدد مستقبل البشرية... مع مستقبل البشرية لا يمكن أن يركع كلُّ فرد أمام الإمبراطورية الأميركية".
ترامب رفس الاتحاد الأوروبي الذي خضع لسياسته الخاطئة
"يورونيوز": مرة جديدة، يبدو أن هناك قطبين أو عدة أقطاب، لكن يبدو أن هناك صراعاً، معركة، معركة على النفوذ، على السلطة. لكن في ذلك، سيدي الرئيس، للأسف، كما يبدو، فإن الشعور السائد هو أن أولئك الفنزويليين، الفنزويليين العاديين سيكونون أكبر الخاسرين.
مادورو: "أتفق معك. من هو المتضرر والذي تأذى من العقوبات الدولية، والحصار الاقتصادي؟ من المتضرر من كل هذه الحملة العالمية؟ شعب فنزويلا، الذي يملك حق العيش بسلام. أعتقد أن فيديريكا موغيريني، والاتحاد الأوروبي الذي يقود الحكومات في أوروبا أخطأوا مع فنزويلا. لقد استمعوا لجهة واحدة. لقد وقفوا بجانب جهة واحدة. لم يستمعوا للبلد بأكمله، الذي يطالب بالسلام والحوار والتفهم والاحترام... ولم يستمعوا الينا، الى من لديه الصوت الحقيقي، والقوة الحقيقية. أعتقد أن أوروبا خضعت بشكل غير طبيعي لسياسة دونالد ترامب الخاطئة، الذي رفس حلف الناتو، الذي ركل الحكومات الأوروبية، الذي ركل الاتحاد الأوروبي، الذي، ببساطة، قام بتطويع أياديهم وأجبرهم على خوض سياسة أضرت بفنزويلا. مليون مهاجر أوروبي تقريباً يعيشون في فنزويلا: بينهم قرابة ثلاثِمئة ألف إيطالي وثلاثمئة ألف برتغالي وثلاثمئة ألف إسباني. وقد تخلى الاتحاد الأوروبي عن مهاجريه الموجودين هنا ووضعنا على شفا غزو تهدد به الولايات المتحدة. دونالد ترامب أعلن قبل أيام: "لدي الخيار العسكري لمواجهة فنزويلا. أعتقد أنه على الاتحاد الأوروبي أن يستمع للبلد بأكمله، عليه أن يعلم ويسمع من الجميع وعليه أن يصحح سياسته تجاه فنزويلا".
صور المهاجرين الفنزويليين هي أكبر تلاعب على الإطلاق
"يورونيوز": أشرت الى مهاجرين، أشرت الى أناس هاجروا إلى فنزويلا. لقد رأينا أيضاً صور مئات الآلاف من الفنزويليين الذين تركوا بلدهم. وحسب الأمم المتحدة إنهم ثلاثة ملايين شخص. حول هذه النقطة، سمعت منك سابقاً، لقد قلت إنها ملفقة، وغير موجودة. هل رأيت الصور، وهل أثرت بك، هؤلاء الناس الذي يقطعون الجسور ويفرون إلى كولومبيا وغيرها من الدول؟
مادورو: "لم أقل أبداً إن الأمر غير ذلك، هذه حقيقة. هناك مجموعة من الفنزويليين الذين غادروا خلال السنتين أو السنوات الثلاث الماضية، ولأسباب مرتبطة بالحرب الاقتصادية، قرروا العودة للبحث عن فرص جديدة في بلدنا. قد يكون عددهم بين ستمئة وثمانمئة ألف فنزويلي. عاد منهم الآلاف الى البلاد مع برنامج العودة الى الوطن لأنهم وجدوا في تلك البلدان عداء للأجانب، وعبودية في العمل وظروفاً لم يعتقدوا أنهم سيجدونها فعادوا الى البلاد. الآن يمكنني أن أقول لك إن كانت هذه الصور التي تتحدثين عنها، متكررة فإنها أعظم تلاعب جرى على الاطلاق. يمكنني الذهاب اليوم الى الجسر الرئيسي الذي يصل كولومبيا بفنزويلا في كوكوتا وسان انتونيو ديل تاشيرا ويمكنني أن أُريكِ فرق الصحفيين يمكنها أن تأخذك لترين إنها صور لتدفق الكولومبيين القادمين الى فنزويلا، والفنزويليين المتوجهين الى كولومبيا... إنها لعائلات غادرت كولومبيا وغادرت فنزويلا ما أدى لتدفق بين ثلاثين وخمسين ألف شخص وأحياناً يصل عددهم الى ستين ألفاً، وهم يعبرون لأسباب تتعلق بالتجارة والنشاطات التجارية لأسباب عائلية... وقد أُخِذت هذه الصور للقول إنها لثلاثة آلاف أو خمسة آلاف فنزويلي مهاجر".
لم أتعلم في هارفارد ولا أملك اسم عائلة نبيلة... أنا عامل، رجل من الشعب
"يورونيوز": وَفق وكالات الأمم المتحدة فإن حوالى ألفي فنزويلي ظلوا في الجانب الآخر ولم يعودوا. مرة أخرى، أشرت لذلك، العديد منهم غادروا بسبب المصاعب التي يواجهونها في بلادك. أريد أن أعيد طرح السؤال عن مدى صعوبة الأمور لأن بعض الناس يقولون إنك قد لا تفهم لأنك الرئيس وقد تكون بعيداً عن الحقيقة المؤلمة التي يعيشونها. وقد أتينا ببعض المال لنسألك إن كنت تعلم ما يمكن شراؤه بألفي بوليفار اليوم. ما يمكن شراؤه بألفي بوليفار اليوم. هل تعلم ذلك؟
مادورو: "إن كنت لا أتفهم الوضع في بلادي، فلن أكون رئيساً منتخباً لها وأعيد انتخابي. أعرف لأنني جئت من الشعب. عليكِ أن تعلمي، آن ليز، أنني لم أتعلم في هارفارد أو غيرها من الجامعات الأميركية. كما أنني لا أملك اسم عائلة كبيرة، أو دماً نبيلاً. أنا عامل، رجل من الشعب وكل يوم أنا مع الشعب. لدي دوماً اتصالاتي وأعلم تماماً ما يحدث. هنا لا وجود لأناس متيتمين، لا وجود لأناس مهملين... هنا الناس يتعرضون للاعتداء بالطبع. قولي لي أي بلد في العالم يتحمل اعتداء أقوى دول العالم. من يمكنه مقاومة ذلك؟ حساباته مجمدة وموضوعة تحت التدقيق، ويمنع عليه استيراد ما يحتاجه... فنزويلا تقوم بجهود جبارة وباهرة حقاً. أنا معجب ببطولة الشعب الفنزويلي، وكيف يواجه كل هذه الظروف ونحن ماضون قدماً، كوني على ثقة".
ندافع عن حقوق بلدنا في مواجهة الاعتداء الذي يخفيه الغرب وقد تكون مأساة أسوأ من مأساة ليبيا
"يورونيوز": لدي سؤال أخير سيدي الرئيس. كيف تعتقد أنك ستدخل التاريخ؟
مادورو: "لا أعلم، لكن ما أنا متأكد منه هو أنه لن يذكرني كضعيف أو جبان أو خائن. أنا واضح في دوري. وكل يوم، أمتلئ شجاعة وشغفاً بوطني، الحب يحركني. الحب يحركني، آن ليز. لا أتحرك رغبة بأن أكون زعيماً قوياً بأن أثري نفسي أو لأثري مجموعة اقتصادية. نحن نتحرك وفق فكرة الوطن، الوطن، تاريخُ عمره أكثر من مئتي عام. بالتأكيد سنستمر بكتابته. ثم، المستقبل؟
حسناً، ليتذكروني، كما آمل، بطريقة موضوعية لما كنت عليه، لما كنا عليه، لكن كوني على ثقة، إننا ماضون قدماً مع مؤهلات رائعة، مع الكثير من الثبات، ندافع عن حقوق بلدنا في مواجهة الاعتداء الذي يَخفيه الغرب. الغرب يخفي اعتداءً، آن ليز. أرجوكِ أظهري الصورة كصحفية شابة. لم تسألي سؤالاً واحداً عن اعتداء دونالد ترامب، عن التهديدات باجتياح عسكري لأنهم يخفون ذلك. قد تكون مأساةً قد تكون أسوأ من مأساة ليبيا".
نحن عرضة لأكثر الاعتداءات قسوة الولايات المتحدة تركز على تدمير واستعمار فنزويلا
"يورونيوز": هل تخشى حدوث ذلك؟
مادورو: "حين يكون رئيس بلد متطرفاً مثل دونالد ترامب، يهدد دوماً باجتياح عسكري، فعلى الفرد أن يقلق".
"يورونيوز": هل أنت مستعد؟
مادورو: "لا أحد مستعد في العالم. في المقام الأول، نحضر أنفسنا لهزيمة تهديداتهم. أناشد شعب أوروبا، أناشد كل الذين يفكرون بطريقة صحيحة، أناشدكِ لإظهار الصورة... شعب فنزويلا النبيل له الحق بالاحترام، له الحق بالسلام. لا يجب إخفاء اعتداء الولايات المتحدة خلف مشاكل اختلقوها بأنفسهم. لقد اختلقوا مشاكل مع الاعتداء، والعقوبات، ثم يحاولون إلقاء اللوم على النظام السياسي، على الثورة البوليفارية. نحن عرضة لأكثر الاعتداءات قسوة. الولايات المتحدة تركز على هدف واحد في العالم وهو تدمير فنزويلا واستعمار فنزويلا، وتدمير الثورة. لم ولن يقدروا على ذلك. وهنا سينتصر السلام، كوني على ثقة. سنستمر برؤية بعضنا البعض في السنوات المقبلة. وسترين عهداً جديداً مزدهراً في فنزويلا. نحن ماضون في تحقيق ذلك".