حماية المدافعين عن حقوق الإنسان مسؤولية الجميع
10 كانون الأول/ ديسمبر 2018
يشهد عام 2018 الذكرى السبعون لإعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 10 كانون الأول (ديسمبر)، المناسبة التي أصبحت يوماً عالمياً لحقوق الإنسان تحتفل به الشعوب جمعاء، تخصص هذه السنة لإلقاء الضوء على إنجازات مدافعي حقوق الإنسان ودورهم في إنهاء كافة أشكال التمييز من جهة، والدور الأساسي الذي يجب أن تلعبه الحكومات لحمايتهم وتمكينهم من الدفاع عن قضيتهم من جهة أخرى، إضافةً للسعي لإلهام جيل جديد من المدافعين، يواجه ويرفض كافة أشكال التمييز أينما ومتى وجدت.
رغم التقدم المحرز خلال العقود السبعة الماضية، فما تزال قضايا حقوق الإنسان تحتاج للكثير من النضال، وقلة من مدافعي حقوق الإنسان معروفون ومشهورون، بينما الغالبية العظمى منهم تناضل وتعاني وتتعرض لأشكال مختلفة من التعذيب والملاحقة حتي التصفية الجسدية دون أن يدري بها أحد.
وتبرز الحاجة للدعم الحكومي والمجتمعي للمدافعين عن حقوق الإنسان، عند النظر إلى واقع مجمل قضايا حقوق الإنسان حول العالم، فالسكان الأصليين الذين يقدر عددهم بـ 370 مليون شخص حول العالم يعيشون في 90 بلدًا ، ولا يتجاوز هذا العدد الـ 5% من سكان العالم، ولكنه في المقابل يُشكل 15% من أفقر السكان،لا يزال يتعرض الكثير منهم للتمييز، حتى في العالم المتقدم، إذ أن متوسط العمر المتوقع لمواليدهم أقل بـ 20 سنة من أطفال السكان غير الأصليين.
وتعاني الأقليات من إنتهاكات متشابهة، فمثلاً بأمريكا اللاتينية، هناك 150 مليون شخص من أصل افريقي وقع في براثن الفقر، وبدرجة أكبر بكثير من باقي القطاعات السكانية، وبالمثل، يقدر عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في العالم بـ 650 مليون شخص أي ما يمثل 10% من سكان العالم ، 426 مليون منهم يعيش تحت خط الفقر في البلدان النامية.
والمرأة --نصف سكان العالم - لا تزال تواجه تمييزاً هائلاً في بعض المجتمعات، وواحدة من أكثر الإحصاءات المقلقة والمحبطة حول هذه المسألة، هو أن 70 في المئة من الأطفال بعمر 7-10 سنوات ممن لا يذهبون إلى المدرسة هم فتيات.
ويضطر نحو 100 مليون شخص كل عام لأن يقعوا في براثن الفقر، لأنهم مجبرين على دفع تكاليف الرعاية الصحية، وفي كثير من البلدان، يكون الأطفال المنحدرين من خلفيات فقيرة أقل خضوعاً للقاح الطبي بنسبة 10 مرات من نظرائهم الأطفال المنحدرين من خلفيات غنية، والمرأة الفقيرة أقل حظاً بـ 20 مرة من نظريتها الغنية في أن تحصل على فرصة الولادة الآمنة في ظل غياب القابلات الصحيات الجيدات القادرات على إنقاذ حياتها.
وتحوي الكرة الأرضية أكثر من 225 مليون مهاجر حول العالم، يواجهون أشكال تمييز مختلفة، أقساها العنصرية وكراهية الأجانب، في الدول المتقدمة أو في النامية.
يأمل معهد جنيف لحقوق الإنسان في هذه المناسبة، أن تدعم حكومات العالم المدافعين عن حقوق الإنسان، بإعتبارهم شريكاً أساسياً في التنمية، وأن تشهد الساحة الدولية تحركاً فاعلاً من قبل الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للإصلاح الشامل لمنظومة الأمم المتحدة بشكل عام، ولمجلس الأمن بشكل خاص، حيث يعد مجلس الأمن أكثر أجهزة الأمم المتحدة خضوعاً للتسييس ولإزدواجية المعايير.
وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يأمل معهد جنيف لحقوق الإنسان أن يشهد العام الجديد دعماً للمدافعين عن حقوق الإنسان وتحركاً من قبل الحكومات لتحقيق عدة إنجازات ملموسة يطالب بها الكثير من المدافعين، حيث لا تزال معظم الدول العربية غير منضمة للبروتوكولات الإختيارية التي تعطي الأفراد حق تقديم الشكاوي، وأغلبها متحفظ على مواد جوهرية في إتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية، والتي تخالف أحياناً القصد من إنشاء هذه الإتفاقيات، وتحتاج منظمات المجتمع المدني بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لحرية أكثر ليأتي عملها على المستوى المطلوب، أما المؤسسات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، فهي لن تؤدي عملها إن لم تنعم بالاستقلالية المطلوبة.