نص كلمة وزير الثقافة والشباب والرياضة والعلاقات مع البرلمان في المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة “اليونسكو” في دورته 42،:
“- السيدة الرئيسة،
– السيدة رئيسة المجلس التنفيذي،
– السيدة المديرة العامة لليونسكو،
– أصحاب المعالي،
– أصحاب السعادة،
– السادة الخبراء،
– أيها الحضور الكريم،
أود، بدءا، أن أتوجه بالتهنئة إلى صاحبة السعادة السيدة سيمونا ميرلا ميكولسكو رئيسة المؤتمر في دورته 42، متمنيا لها النجاح والتوفيق في مهامها، كما أعبر كذلك عن شكري لصاحب السعادة السيد سانتياكو ازابال موراو على الجهود المعتبرة طيلة فترة رئاسته للدورة 41، والشكر موصول للمديرة العامة السيدة أودري أزولاي لما أنجزته من أعمال في سبيل تطوير منظمتنا؛ وأن أعبر عن غبطتي للمشاركة في هذا المؤتمر الدولي الهام الذي أصبح له تاريخ مجيد في ترسيخ قيم السلم والإخاء والتسامح وتشييد حصون السلام في عقول البشر كما قال ذات مرة واحد من قادة منظمتنا هذه، منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم.
وما من شك أن هذه الغاية النبيلة تكتسي اليوم أهمية مركزية خاصة بين سلم الأولويات الكونية، في وقت يشهد فيه العنف والتطرف ورفض الآخر تفاقما غير مسبوق على صعيد العالم أجمع.
ولئن لم يكن في الوقت متسع لتحليل هذه الظاهرة وأسبابها المختلفة وتبعاتها الإنسانية الجسيمة فإنها تظل – بالتأكيد – واحدا من أكبر التحديات التي تواجه عالمنا المعاصر.
أيها الحضور الكريم،
يتبنى النظام السياسي في بلادي منذ سنوات خيار التهدئة السياسية واعتماد الحوار والتشاور علاقة بين الفرقاء والشركاء السياسيين والاجتماعيين، من أجل العمل معا لرفع تحديات الهشاشة الاجتماعية واتساع الهوة بين الطبقات. وكان من اللازم أن تعبأ لهذه الغاية طاقات وموارد كبيرة لصالح الاستثمار والبنى التحتية والخدمات الاجتماعية، غير أن الرهان الأكبر كان على المدرسة الجمهورية، قناعة منا بأنها المصعد الاجتماعي الحقيقي، وفيه اتخذت بلادنا قرارا بإجبارية تعليم عمومي مجاني في المرحلة الابتدائية لفائدة جميع الأطفال الموريتانيين وأطفال المهاجرين واللاجئين على التراب الموريتاني.
كما اعتمد العديد من الاستراتيجيات والإجراءات في مجال التكوين والتشغيل والتمهين لصالح الشباب الذي يشكل أهم فئة عمرية من السكان.
وكان للثقافة التي هي لحمة ذلك كله حظ كبير من العناية، سواء على مستوى صيانة التراث الثقافي وتثمينه، أو على مستوى المناشط الدائمة لتنمية الإبداع والابتكار في مختلف المجالات.
أيها الحضور الكريم،
لقد ظلت بلادي، موريتانيا، على مر التاريخ، بحكم موقعها الجغرافي وتنوعها الثقافي، أرضا للتلاقح الحضاري وصلة للوصل بين عوالم مختلفة، ومجالا فسيحا للعطاء والتبادل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي.
واليوم، وفي ظل التحولات التي تعيشها منطقتنا، منطقة الساحل، بفعل التغيرات المناخية وتفاقم العنف المسلح وتبعات جائحة كوفيد 19 وركود اقتصادات العالم، تواجه بلادي جملة من التحديات ذات الصلة، تتمثل في الزيادة المتنامية لتوافد المهاجرين واللاجئين من الجوار ومن بلدان أخرى.
وتحرص بلادي على الوفاء بواجباتها القانونية والإنسانية تجاه المهاجرين واللاجئين على التراب الوطني، غير أنه يجب الاعتراف بأن التزايد السريع في أعداد الوافدين أصبح يشكل ضغطا كبيرا على الموارد وعلى قطاعات الخدمات من صحة وتعليم ورعاية لحقوق الأطفال وحاجات الشباب. ومن ثم يكون من الوجاهة بمكان أن توجه منظمتنا عناية خاصة لمنطقة الساحل تشمل إلى جانب دعم التربية والتعليم اتخاذ إجراءات ناجعة لحماية التراث الإنساني في هذه المنطقة حتى تستعيد أمنها واستقرارها.
أيها الحضور الكريم،
رغم كل هذه التحديات، فإننا نعتز كثيرا بالتطابق الكبير بين استراتيجياتنا الوطنية وأهداف منظمة اليونسكو، وبالتعاون المثمر بيننا، ونأمل أن يتعزز بما يخدم مثلنا الإنسانية المشتركة، وآمالنا في عالم يسوده الإخاء والتسامح والمحبة والسلام، لا مكان فيه للجهل ورفض الآخر والعنف والتطرف، ونحن قادرون، معا، بالتصميم والعمل على بلوغ الغاية.
أيها السادة والسيدات،
إن الأوضاع الراهنة في غزة واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية في حصد أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والشيوخ مأساة إنسانية كبرى تستوجب من منظمة اليونسكو المبادرة إلى إيقاظ الضمير العالمي الحر وفاء لقيم السلام والتسامح التي أنشئت من أجلها.
إن وقف هذا العدوان على الشعب الفلسطيني، هو ما يتطلبه القانون الدولي ومبادئ العدالة، وإن بلادي موريتانيا انسجاما مع موقفها الثابت من القضية الفلسطينية، تعلن تضامنها مع فلسطين وتطالب بوضع حد لهذه الجرائم الشنيعة لإسرائيل في غزة المحاصرة.
أشكركم جميعا
والسلام عليكم ورحمة الله”.