ـ1ـ منذ فترة قصيرة اطلعتُ مصادفةً في الإنترنت على فيديو ندوةٍ كنتُ شاركتُ في تنظيمها سنة 1986، وهو ما له تأثيرٌ نفسي غريب بحكم ما للإنسان دائما من علاقة معقّدة مع الزمن والماضي. إنها 34عاما مرّتْ وانقضتْ على هذه المَشاهد التي
طفتْ غرّةً عبرَ المدّ الرقمي الهائج وفرضتْ نفسها على الذاكرة. تفاعلتْ الذاكرة فجأة مع أشياء كثيفه شبه منسية، وتعاطتْ معها وهي تضطرب أمام الصور الحية التي تَـنسفُ المسافة الزمنية وتَـنسفُ بشكل خاص لُعَبَ الذهن التي يُسقِط من خلالها أوهامَه على أحداث الماضي أو يعيد تركيبها. على غير موعدٍ طفا تقريباً كلُّ شيء أمامي، عاد المحاضرون والجمهور والأسئلة التي كنّا نجمعها من القاعة باندفاع المراهقة وحماستها لنسلِّمها لِما كنّا نُسمّيه سكرتارية الندوة.
تمَّ تنظيمُ تلك الندوة في دار الشباب القديمة ربما في بداية خريف 1986 وكانت واحدة من أوائل الندوات التي نظّمنا باسم جمعية غرناطة (انعقد المؤتمر الرسمي التأسيسي للجمعية أشهرا قليلة قبل ذلك في دار الشباب الجديدة بعد الاعتراف بها قانونياً خلال السنة نفسها إن لم تخنّي الذاكرة). عنوان الندوة : "هل توجد قطيعة في ثقافتنا؟"، وكان المرحوم الدكتور جمال ولد الحسن هو صاحب المداخلة التأطيرية الافتتاحية. وطبعاً شاركَ إلى جانبه محاضرون آخرون أذكر منهم الشاعر أحمد ولد عبد القادر والمرحوم الأستاذ الرشيد ولد صالح والدكتور أحمد ولد امبيريك وآخرين.
وكما هو الحال في أغلب الندوات حينها فقد كانت القاعة مكتظة بالمئات وكانت الندوة تمتدّ ساعات غير محسوبة. أذكر ندوةً قبل ذلك بأشهر استمرّتْ إلى ما بعد منتصف الليل، فبدأتْ كما هو متوقعٌ شكوى المشرفين الفنيين على القاعة لدرجة أنْ طَــلبَ أحدُ هؤلاء أنْ يُقوم هو بنفسه بقراءة أسماء المُتدخلين والمعقّبين المتبقين ليتسنى له ضبطُ عددِ الدقائق المخصّصة لكل واحد منهم في ذلك الوقت المتأخر جدّا.
عرفتْ حينها المداخلاتُ التعقيبية لجمهور الندوات عصرَها الذهبي إنْ جاز التعبير. فقد أضحتْ مشاركاتهم المشاكِسة غالباً ربما أهمّ فرصة تستخدمها التوجهات المتنافسة في تلك الحقبة للتعبير عن نفسها. ولذلك كانت تلك اللقاءات تَعكسُ ربما أكثر من غيرها دينامية التحولات القائمة ليس فقط على صعيد التمثلات والأفكار ولكن أيضا على صعيد نوع الحضور وتركيبته الاجتماعية.
ـ2ـ
عرفتُ المرحوم جمال ولد الحسن في البداية عائلياً. ولعلَّ أقدمَ المَشاهد التي احتفظ بها ذهني كانت نقاشاته الدورية مع الخال الدكتور محمد عبد الحي خلال تلك الجلسات الأخوية التي كانت تجمعهما من حين لآخر رفقة الشاعر أحمد ولد عبد القادر وآخرين في منزلنا في المقاطعة الخامسة بنواكشوط أيام احتدام النقاش الذي شاركا فيه في جريدة "الشعب" حول قصيدتيْ الأخير "السفين" و"الكوابيس". كان ذلك في بداية الثمانينيات، ربما سنة 1982 أو 1983. كان "الشاب" الذي كنتُ حينها، بداهةً بحكم العمر والحقبة، مولعاً أكثر بالأفلام وبالمجلات المصورة ولا يمكن طبعاً أن يهتم بعمق تلك النقاشات إلا عرضاً ولكن مع ذلك شيء ما أو أشياء ما تلفتُ انتباهه فيها أو تبقى على الأقل في الذهن بطريقةٍ ما.
معروفُ أن الذهن في مراحله الأولى يميل أكثر إلى الاحتفاء بالصيغ واللقطات. ربما لذلك أذْكُرُ كثيراً من تلك النقاشات على شكْلْ وحدات مشهدية معزولة. أذْكُرُ مثلاً المرحوم جمالا في تلك الفترة وهو يحمل نسخةً من مجلة "المستقبل" اللبنانية وله فيها مقالٌ مُعلنٌ في غلافها، ومن المحتمل أن تكون تلك المناسبة إحدى تلك الجلسات التحضيرية التي كان يُنظمها مع الدكتور محمد حيث أجريا في تلك السنوات عدة مقابلاتٍ في الفكر والأدب في الإذاعة والتلفزيون، ومنها ذلك اللقاء التلفزيوني الذي كان له صدى كبير نسبياً والذي جمعهما مع الشاعر أحمد ولد عبد القادر، وكان يدير اللقاء المرحوم نفسه (تم بثّه أول مرّة فيما أعتقد سنة 1984).
بدأتْ نواكشوط تَــعرف تلك السلسلة من الندوات والمحاضرات التي ميزتْ الثمانينيات. وكانت خالتي الشاعرة المرحومة خديجة بنت عبد الحي تحرصُ دوماً على أن أرافقها إليها وإلى نقاشات مذكّرات التخرّج التي كانت بدورها تستقطب جمهوراً معتبراً. أذْكر أني رافقتها سنة 1985م إلى ندوة – ستصبح لها تداعيات معروفة لأسباب سياسية – كان موضوعُها عن المُثقَّف أو دور المثقَّف نظَّمها في دار الشباب القديمة اتحادُ الطلاب والمتدربين الموريتانيين أشهرًا قبل أن تُقرّر السلطات إذ ذاك حلّه نهائيا. تمَّ إذنْ تنظيم هذا النشاط في ذروة التجاذبات السياسية والحركية التي كانت تخترق الاتحاد والتي انعكستْ على مجريات الندوة نفسها. وإذا لم تخنّي الذاكرة فقد كانت الكلمة التقديمية فيها للأستاذ هيبتنا ولد سيدي هيبة (بصفته رئيس جامعة نواكشوط التي كانت قيد التأسيس)، وقد صاغ مداخلتَه في شكل أسئلة بَقيَ في ذهني منها لسببٍ ما تساؤلُه : هل في موريتانيا أصلاً مثقفون؟
وأذكر أن المرحوم جمالا حين تناول الكلام بعد الأستاذ هيبتنا أثنى على مداخلته، وقال إنها لم تكن، كما اعتذر عنها صاحبـُها، مقدمةً مقتضبة بل "إن لها قرابة ونسبا لمقدمة ابن خلدون"، أو عبارة قريبة من ذلك[1]. وكان الجمهور يتفاعل طبعاً مع هذه الإحالات والصيغ أكثر بكثير مما يتفاعل مع متن المحاضرة أو الحديث. أذكر ربما أكثر التصفيقَ العارم الذي حظيتْ به نهاية مداخلته حين ختمها، بعْدَ أن تحدّث عن جيل الثقافة التقليدية وجيل الثقافة المعاصرة، بحديثٍ عما سمّاه - وطبعاً كثيرا ما استخدم التعابير القرآنية - جيلاً ثالثاً من "المُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَٰلِكَ لَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ وَلَا إِلَىٰ هَٰؤُلَاءِ".
شهدتْ تلك الندوة اختلافات حادّة حول موضوع اللغة حين سأل أحد المتدخلين غير الناطقين بالعربية إنْ كان الجمهور يفضّل أن يتدخل بلغته الأم البولارية أم بالفرنسية لأنه لا يجيد العربية. وكان الجمهور مع استخدام البولارية بينما كان محاضرٌ آخر (ربما المؤرخ إبراهيما أبو سال) يعارض هذا الخيار ويستشهد بما عرفه منظمو الندوة من صعوبات في ترجمة المداخلة من البولارية إلى العربية. وكالعادة كانت الاختلالات على مستوى التنظيم والتحضير اللوجستي توفّر الأرضية الخصبة لاندلاع الحساسيات الانتمائية والأيديولوجية وما ماثلها. وقد أدّتْ تلك التجاذبات إلى تأجيل الجزء الثاني من الندوة الذي انعقَدَ بعد ذلك بأيام ولكن بنسخة معدّلة أحادية اللغة. كان جدل اللغة ذو الخلفية الأيديولوجية المعروفة أمراً محتدماً ومستعصياً في كل لقاءات تلك المرحلة قبْلَ أن يؤول الأمرُ إلى نوعٍ من الانفصال الاستقطابي في السياقات المأساوية المعروفة في أواخر الثمانينيات إلخ.
وقد أثمرَ ذلك النقاشُ في اليوم الأول للندوة محاورات شعرية منها قطعة مشهورة قيلَ إنها للمرحوم جمال (وتداولها بعض الحضور على هامش الندوة نفسها) يعبّر فيها عن رأيه في الموضوع، وقد أثبتتْ الوقائع فعلا، لاسيما مداخلاته، خلال مأساة 89، عن الذاكرة العلمية والدينية المشتركة لشعوب غرب إفريقيا أن أُفُــقَه الفكري ظلّ بعيداً عن تلك الأقفاص الذهنية المحلية التي كانت رؤيتها للواقع ما تزال غالبا تعاني محنة المرايا المتكسّرة.
-3-
من تلك اللحظات التي بقيتْ في ذهني تقديمُه الطريف لندوة ألقاها محاضر سنغالي[2] عن الأدب العربي في بلده. فقد شهدتْ تكاملا بين المتحدثيْن شدّ الجمهور لساعات. أذكر هنا استطراداً أن جمالا أراد، تمهيداً للمحاضرة قبل أن يحيل الكلامَ للضيف، أن يرسم خريطة عامة لانتشار الأدب العربي في السنغال ومنطقة الغرب الافريقي. ثمّ استدرك بطرافة أنه لا يريد أن يؤخر الجمهور عن الاستماع للمحاضر الضيف و"يخشى أن يكون كجبلي نعمان:
أَيا جَبَلَي نَعمانَ بِاللَهِ خَلِّيا
سَبيلَ الصَبا يَخلُص إِلَيَّ نَسيمُها"،
ثمّ استمرّ في تقديمه. ولا أحتاج هنا بداهةً أن أذكر أنه كانت لديه دائماً هذه الملكة في الجمع بين الجدِّ والطرافة وتشويق الجمهور. وهي أشياء أيضا كان يوظفها سجالياً بعضُ خصومه، كما حصَـلَ مثلا على هامش مؤتمر علمي (لم يعد يحضرني عنوانُه) نظّمتْه جامعة نواكشوط ربما سنة 1988 أو 1989م وحضره بعضُ المستشرقين. وقد استخدم جمال في عرْضه في المؤتمر وهو يتحدّث عن تاريخ التجارة الثلاثية في المنطقة عناوين منها "تجارة الإمارة وإمارة التجارة" وصيغٌ أخرى مشابهة. كنتُ حينها متعاونا في جريدة "الشعب" وكنتُ مكلّفا مع آخرين بتغطية أعمال المؤتمر. وبشكل ما أصبحتِ "الشعب"، وهي حينها اليومية الوحيدة بل الصحيفة الوحيدة في البلد، الفضاء الإعلامي الذي يتنزّل فيه كتابةً ذلك الجدلُ المحدود. أذكر في ذلك السياق مقالا سجالياً طريفا للأستاذ حسني ولد الفقيه يستلهم فيه فلسفياً تلك الصيغ اللغوية. وأعتقد أن عنوانه كان "من تصور الصورة إلى صورة التصور". وقد نشرتْه جريدة "الشعب" يومين أو ثلاثة بعد محاضرة المرحوم جمال. ولعلّه كان أول ما نشرتِ الجريدة – كما كنا نسميها، هكذا دون إضافة - من المقالات في ذلك السياق.
أما الإشارة التي لفتتْ في تلك الفترة الانتباه إليها كثيراً، ليس فقط كمثال على ما كان القدماء يسمونه بـسرعة البديهة ولكن خصوصا بحكم مسار المرحوم جمال نفسه لاحقا (حيث غادر البلد أشهراً بعد ذلك)، فقد كانت من نصيب الدقائق الأخيرة لندوةٍ عن شعر الجهاد والمقاومة. كان ذلك فيما أظنّ خلال شهر رمضان 1988. فقد حضرَ تلك الندوة بعضُ الرسميين من النظام الحاكم الذين ربما لم تكن بعضُ حيثيات موضوع المقاومة والجهاد تجذبهم كثيراً، أو ربما لم يخفوا ضجرهم خصوصاً في آخر المحاضرة، فأراد المرحوم جمال أن يُنهي كلامه بجُمَل فُهم منها أنه يَحمّلها رسالةً معينة، لاسيما حين ختمَها بالبيت الثاني من لامية الشنفرى:
فقد حُمّتِ الحاجات والليل مقمرٌ
وشُدَّت لطيات مطايا وأرحُلُ
قيل كثيرٌ عن ذلك الاختتام، وبديهي أن البعض قدْ خمّن أن المُحاضِر كان يحيل الجمهور ضمنيا إلى البيت الثالث وما بعده من القصيدة نفسها. بل لنقلْ إن لامية الشنفرى كلَّها بمعنى ما كانتْ مُضمرةً في تلك الإشارة الختامية.
-4-
سمحتْ الطفرة التواصلية الحالية بظهور تسجيلات أخرى للمرحوم جمال. بعضها ندوات كنتُ حاضراً لها وأحياناً كنتُ مشاركاً مشاركة متواضعة في تنظيمها وبعضُها تابعتُها حينها في الإذاعة وبعضها الآخر لمْ أحضُره ولم أتابعه مباشرةً حينها لكنْ كانت تتردّد أصداؤه هنا وهناك في أحاديث الناس لاسيما لدى طلبته.
وليسَ من شكّ في أن العودة إلى هذه الندوات والأجواء التي حايثـتْها والنقاشات التي دارت فيها وحولها أو صدرتْ عنها هي جزء بالغ الأهمّية من ذاكرة جيلي ممّن ترعْرَعوا مثلي في نواكشوط في السبعينيات وتشكّل ربما "وعيهم" (أو "وعينا") الأولي، رغم محدوديته، بما يدور حولهم في الثمانينيات، أو بعبارة ربّما أدقّ بدأ لديهم في تلك المرحلة ما يمكن أنْ نسميه تجوزاً "الوعي" بورطة التحول القائم يأخذ جزءا من ملامحه العامّة.
ولكنْ فيما يتخطّى هذا الجانب الذاتي أو الذي يخصّ ربّما جيلا معيناً فإنّ مداخلاته في تلك الندوات المتعدّدة السياقات والصيغ تُشكّلُ جانبا له أهميته الخاصة بين أعمال المرحوم جمال، لأنها تَسمحُ، بنسبة لا يستهان بها، بسبْر أفكاره وطروحاته في لحظاتها الحية وهي قيد التشكّل والتطور. فبقدر ما لم تكن تلك المحاضرات كلاما مرتجلا فإنها لم تكن أيضاً نصوصاً مكتوبة ألقيتْ قراءةً، وإنّما كانت تتشكّل نصياً في الذهن قبل الإلقاء وأثناءه معاً. بعبارة أخرى يتضّح من متابعتها أنه كان يُحضّرها جدّياً ويُنظّمها ذهنيا في محاورها وفي تسلسل أفكارها، وأنه كان تزامنياً يجعلُ منها مناسبة للتفكير الحي الذي تخاطب نبضاتُه فعلياً جمهورا محدّدا في زمان ومكان محددّين.
تسمحُ إذنْ تلك المحاضرات والحوارات بمتابعة الدكتور جمال عبْر مراحل الزمان والمكان وهو يُفكّر بصوت عال ويراجع نفسَه مرحلة بعد مرحلة، أي تَسمحُ بسبر طروحاته أو مقاربتها وهي تتحرّك في دينامياتها الفكرية الخاصة التي هي أيضاً في عددٍ من مستوياتها ديناميات التحول الاجتماعي الذي تتفاعل معه كمداخلات في المجال العمومي توجّهاً وتوجيهاً.
تتكشّفُ فيها مداخلةً بعد أخرى الملامحُ العامّة لعدد من المشاريع التي أراد المرحوم جمال تدشينها، تلك التي استطاع إنجازها بعد ذلك وتلك التي لم يمهله القدرُ رحمه الله في إكمالها أو لم تسمح له الظروف بتحقيقها ولكنّه وضع مداميكها الأولى أو تركَها كورشات للأجيال اللاحقة. تتكشّف فيها تحديداً رغبتُه المعلنة في التأسيس في "الفضاء المدني"، الذي كان - في أحسن الأحوال - قيْدَ التشكل، لمستوى غير تقليدي من التفكير العمومي ومن عقْلنة التداول في الشأن الجماعي.
كان جمال الاسم الأكثر حضوراً في تلك الندوات والأكثر جذباً للجمهور. وقد حاولَ أن يؤسس في ذلك الجو، رغم ضعف البنية التحتية الثقافية، ورغم الحساسيات الاجتماعية التقليدية الملغمة بإفراط تجاه كلّ موضعَة غير تمجيدية، ورغمَ الطبيعة الأمنية والعسكرية للأنظمة القائمة، لمستوى من التفكير العمومي ومن التأمل في الذات الجماعية وهي قيد التشكل والتحوّل. سَـعَى إلى أن يتأمّلَ، عبْرَ الثقافتين العالِمة والشعبية، المتعدّدَ الاجتماعي المنخرطَ بقوة الواقع الجديد في كينونة جماعية قيدَ التشكّل وأن يعملَ على مَنحِ هذه الأخيرة أدوات تفكير جديدة وأن يحاول أنْ يخلق لديها وعياً تاريخياً بلحظتها العصية.
ولكن هذا البلد، كما كتب المرحوم حبيب ولد محفوظ في تأبينه لجمال، لم يعرف كيف يحتفظ به، وهي عبارة راجتْ كثيراً بعد ذلك. إنه سفرٌ آخر مؤلمٌ مفرداً وجمعاً. يقال عادة تلك قصةٌ أخرى غير أنّها في الحقيقة ليستْ إلا القصة نفسها، قصة البيت الثالث من لامية الشنفرى.
رحم الله الدكتور جمال ولد الحسن برحمته الواسعة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.
اشبيلية، 15 مايو 2021،
..................................................................
[1]لأني أورد هذه الأشياء من الذاكرة وقد مرّتْ عليها 35 عاما وأحياناً أكثر ولم أعثرعليها في التسجيلات، ولأن طبيعة الذاكرة أنها تُعدّل كثيراً أو قليلاً فيما تستبقي فإن دقّة الاستشهادات تبقى، كما كان يقول القدماء، محلّ نظر. ولربما قد تسمح تسجيلات أخرى إن قدّر لنا العثور عليها بتصويب ما يحتاج إلى تصويب إن شاء الله.
[2]تمَّ تنظيمُ هذه الندوة في دار الشباب الجديدة أواخر 87 أو بدايات 88. أما الضيف السنغالي فلم أستطع بعدُ التأكد من اسمه ويبدو أنني اعتقدتُ حينا أنه الدكتور صمبا عمار صاحب الأطروحة الشهيرة "مساهمة السنغال في الأدب ذي التعبير العربي" (دكار، 1972) ولكن تبيّن أن الدكتور عمار توفي سنة 1987. وكان هذا المحاضر السنغالي (الذي ما زلتُ أحاول استحضار اسمه) معروفاً جداً حينها ومحبوبا في نواكشوط التي جاءها محاضراً في مناسبات عديدة أعتقد أنّ أولاها كانت حين شارك سنة 1986م في ندوة عن الإسلام والتنمية نظمتْها إحدى المؤسسات الحكومية في فندق "مرحبا" على ما أظنّ حيث ألقى فيها محاضرة حظيتْ بتغطية واسعة وبثّها التلفزيون الرسمي عدة مرات