الأخبار – استبعد رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم في موريتانيا المهندس سيدي محمد ولد الطالب أعمر وجود أي خلافات داخل الكتلة البرلمانية للحزب، فيما وصف عمل لجنة التحقيق البرلمانية بأنه عمل فني، مردفا أن الحزب سيبدي رأيه في عملها بعد اكتماله.
ورأى ولد الطالب أعمر في مقابلة مع الأخبار أن "التحقيق البرلماني عمل فني"، مردفا أن "اللجنة بعد تشكيلها أصبحت لجنة برلمانية فنية، واختفت صفتها السياسية".
وشدد ولد الطالب أعمر على أن "العمل الفني يتضرر كثيرا من مواقف الساسة في الإعلام"، لافتا إلى أن ما يهمهم في حزب الاتحاد من أجل الجمهورية هو "استقلالية اللجنة ومهنية عملها"، مشيرا إلى أن يلاحظ أن عملها "محل تقدير وإشادة من الجميع".
وأضاف ولد الطالب أعمر أن موقف الحزب سيكون "من تقرير اللجنة، وليس من تفاصيل عملها الفني"، داعيا وسائل الإعلام ورؤساء الأحزاب السياسية "إلى الابتعاد عن الخوض في أمور يجري فيها التحقيق، لأن ذلك لا يخدم التحقيق ولا الحقيقة".
وقال ولد الطالب أعمر في أول مقابلة يجريها منذ توليه رئاسة الحزب إن الفريق البرلماني للحزب "يمثل ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية، وقد صوت الجميع تقريبا مرتين على برنامج الحكومة العام والسنوي، كما زكى تقرير أدائها، وصوت الجميع على الميزانية العامة للدولة، وهذه هي الكليات الكبرى التي تهمنا كحزب حاكم".
وأردف ولد الطالب أعمر قائلا: "تفاصيل العمل البرلماني اليومي نعتبرها شأنا برلمانيا، نواب الحزب وقيادة فريقنا البرلماني لهم الكفاءة والدراية المطلوبة لتسييره".
وتحدث ولد الطالب أعمر عن تجربته في قيادة الحزب الأكبر في البلاد خلال الأشهر الماضية، وعن نتائج المشاورات التي دخلها مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وعن رؤيته للواقع السياسي في البلاد.
وهذا نص المقابلة:
الأخبار: أكملتم فصلا في قيادة حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، أكبر أحزاب البلاد، كيف وجدتم هذه المؤسسة؟ وماذا أضفتم لها؟
سيدي محمد الطالب أعمر: بداية أهنئكم وقراءكم، ومن خلالكم الشعب الموريتاني مرتين:
أولاهما : بحلول شهر رمضان أهله الله علينا وعليكم باليمن والبركات.
وثانيتهما : بشفاء مرضانا وتعافي جل المصابين بفيروس كورونا المستجد في بلادنا، بفضل الله أولا ثم بفعالية الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية، وبصبر وتحمل وتكاتف جميع القوى الوطنية السياسية والمجتمعية، ثم بتجاوب شعبنا الأبي المحترم.
أما بالنسبة لسؤالكم، فقد تميز نصف الفترة التي تشيرون لها بالأجواء الاستثنائية التي شغلت العالم كله بسبب هذا الوباء، وما أحدثه من تغييرات عميقة على الأجندات، وعلى الأنشطة بشكل عام.
ومع ذلك، فقد كانت فترة تخطيط وتفكير في العمل المستقبلي، كما عرفت انتظام الهيئات القيادية، وتشكيل الأمانات الوطنية على أساس الكفاءة والتشاور، ويدخل ذلك كله ضمن محور العمل على تنزيل الشق السياسي من برنامج فخامة رئيس الجمهورية الذي يشكل التخطيط، والهدوء، والجدية معالمه الرئيسية.
ويمكن القول، إننا شرعنا في عمل حزبي تشاركي، قيادة الحزب فيه شريكة في العمل الميداني، ومواكبة له، وليست جزءا منعزلا، أو جهة مطلة من برج عاجي بعيد عن المناضلين
كما ركزنا، في شق من عملنا خلال هذه الفترة، على تقييم التجربة، واستكشاف مكامن الخطأ في تجربتنا السابقة لتصحيحها وتجنبها، واستبيان نقاط القوة فيها لتفعيلها وتعزيزها.
وأجدها فرصة مناسبة لشكر أعضاء قيادة الحزب، وكل المناضلين على عملهم الدؤوب من أجل إنجاح مشروعنا الجامع، حزب الاتحاد من أجل الجمهورية.
الأخبار: وصلتم قيادة الحزب على خلفية أزمة داخل الهرم القيادي، فضلا عن صراع على المرجعية، هل تجاوز الحزب هذه الإشكالية؟
سيدي محمد الطالب أعمر: اسمحوا لي أن أخالفكم التشخيص، وخصوصا وصفكم لما حصل بأنه "أزمة". حزبنا، حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، هو الحزب الأكبر في البلاد، والأكثر تنوعا، وبالتالي عاش ويعيش دائما نقاشات وتباينا في وجهات النظر، سواء على مستوى القيادات أو القواعد. ونعتبر هذا نقطة قوة إذا خلصت النية وتجرد الطرح لمصلحة الوطن.
حزب الاتحاد من اجل الجمهورية كحزب حاكم في نظام رئاسي يستمد برنامجه وأطروحاته السياسية من برنامج فخامة رئيس الجمهورية محمد الشيخ الغزواني ومن توجيهاته وقرارات حكومته، وهو على مستوى الرؤى والتصورات والمشروع المجتمعي منسجم ولديه رؤية واضحة، وعلى مستوى التنفيذ والعمل اليومي قد يعرف تباينا أو اختلالا طبيعيا لكن وصفه بالأزمة فيه الكثير من المبالغة.
الأخبار: يتهم الحزب بأنه كشكول سياسي يدور مع الحاكم حيث دار، إلى أي حد ترون هذه الوصف دقيقا؟
سيدي محمد الطالب أعمر: حزب الاتحاد من أجل الجمهورية إطار وطني جامع يضم أكثرية النواب والعمد، وأغلب النخب السياسية الناشطة في البلاد، أما الموقف من السلطة أو الدوران في فلكها أو ضدها فتلك خيارات ومواقف تحددها المؤسسات الحزبية بناء على تشخيص الواقع، وتقدير مصالح البلد.
وعموما، يوجد في قيادة حزبنا الآن سياسيون قادمون من مختلف الأحزاب، وبعضهم من المعارضة، وفيهم من لم يدعم قط في حياته نظاما حاكما قبل هذا النظام.
والسياسة كممارسة تسعى لمصالح البلاد، وتخدم الناس، لا تتضرر من شيء كما تتضرر من الجمود. وإذا كان البعض ينظر بسلبية لدعم الأنظمة، فإنه في الوقت ذاته يستحسن الجمود في معارضتها (يضحك)، والحقيقة أن الجمود عموما خطأ في السياسية، سواء كان في دعم الأنظمة أو في معارضتها الأبدية.
الرئيس السنغالي السابق عبد الله واد وصل إلى السلطة بعد أن دخل عدة حكومات، وعارض عدة حكومات، ومن ينتقد استمرار دعم الأنظمة عليه في الوقت ذاته انتقاد استمرار معارضتها بغض النظر عن برامجها، لأن الهدف في النهاية كما ذكرت في بداية إجابتي هو ضمان مصالح البلاد، وخدمة المواطنين.
الأخبار: عدتم للبلاد قبل فترة قصيرة، كيف وجدتم الساحة السياسية من الداخل؟ ما الذي أعجبكم فيها؟ ما الذي فاجأكم فيها؟
سيدي محمد الطالب أعمر: في الحقيقة، ورغم وجودي خارج البلاد خلال السنوات الماضية، فإنني لم أكن بعيدا عن السياسة، وتقلباتها، بل كنت متابعا لها بكل تفاصيلها. صحيح أني لم أكن ممارساً ولم أكن حاضرا في الهيئات الحزبية، وهذا ما فرض علي جهدا من التأني واللقاءات لاستيعاب جميع الآراء.
أعجبني جو الانفتاح والتفاهم والهدوء السياسي، وفاجأني – بالمعنى الإيجابي للكلمة - حرص فخامة الرئيس على الاستماع للجميع والاستفادة من الجميع، وتفاجأت أكثر من وعي الطبقة السياسية وحسها الوطني، فمن يتابعها عن بعد يحجب عنه الإعلام الكثير من نبلها، وحرصها على المصلحة العامة للبلد.
الأخبار: بادرتم قبل أسابيع إلى إنشاء إطار سياسي جمع كل الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، وكانت إجراءات مكافحة فيروس كورونا محور نقاشكم، ومبرر لقائكم، هل يقتصر اللقاء على هذا الهدف أم يتجاوزه لخلق جو سياسي جديد، كما ورد ذلك ضمن تعهدات الرئيس ولد الغزواني في برنامجه الانتخابي؟
سيدي محمد الطالب أعمر: كما هو معلوم، فإن فخامة رئيس الجمهورية عنون الفقرة المتعلقة بالسياسة في برنامجه الانتخابي بالهدوء السياسي، وشرع فور وصوله السلطة في الاتصال المباشر بقادة المعارضة وفرقاء المشهد السياسي، ونحن في الاتحاد معنيون بالدرجة الأولى بتجسيد هذا التعهد، ولن يتم ذلك دون التشاور مع الجميع، بمن فيهم أحزاب المعارضة، وتبادل الآراء معهم، وقد كنا نخطط لذلك قبل هذا الوباء، ثم عجلت به ضرورة التنسيق في التصدي لهذه الجائحة.
وقد أثمر هذا التنسيق حتى الآن موافقة الحكومة على إشراك الأحزاب السياسية في الإشراف على الصندوق الوطني للتضامن ومكافحة فيروس كورونا المستجد الذي أعلن عنه فخامة الرئيس في خطابه يوم 25 مارس، وهي خطوة مهمة، ونتيجة أولى من نتائج هذا التشاور بين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان.
ونأمل أن يستمر هذا التنسيق، ونعول ونعمل على ذلك، وما زلنا منفتحين لتطويره ليشمل جميع الكتل، وكل المواضيع التي تشكل هما وطنيا جامعا، وقد يكون منطلقا لتشاور سياسي شامل وجامع.
الأخبار: يمتلك حزبكم أكبر كتلة برلمانية، ويحتكر رؤساء المجالس الجهوية، ويحوز غالبية عمد البلديات، هل ترون أن الدور الذي يقوم به يناسب مستوى حضوره؟
سيدي محمد الطالب أعمر: فعلا، نعتز بأن حزبنا حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، يمثل الحزب الجامع الذي يستوعب الجميع، ونستشعر عظم المسؤولية التي حملنا الناخب الموريتاني، ونأمل أن نكون عند حسن ظنه، وأشعر أن الإخوة منتخبي الحزب يمارسون مهامهم بتفان، وأن الحكومة التي ندعم تواصل الليل بالنهار لتلبية تحديات وحاجيات المواطن.
كما أن الحزب على المستوى السياسي يأخذ دوره كاملا، وقد تحدثت سابقا عن التشاور الذي قام الحزب به مع الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، ومن المناسب هنا أن نستحضر ما أشرت له سابقا من أن الفترة الماضية كانت فترة استكمال الهيئات الداخلية، وتشخيص الوضعية، وتقييمها للاستفادة من أخطائها، والبناء على نقاط قوتها وإيجابياتها.
الأخبار: تم انتخابكم بناء على حملة انتساب تجاوز عدد المنتسبين للحزب فيها مليون شخص، هل ترون أن هذا العدد منطقي؟ وكيف تصفون الممارسات التي أدت لهذا العدد؟
سيدي محمد ولد الطالب أعمر: بغض النظر عن ذلك الانتساب، تعلمون ويعلم الجميع أن حزبنا استقطب أحزابا اندمجت فيه، وشخصيات وازنة انضمت بعد تلك الحملة، وأن مؤتمره الذي شرفني بانتخابي خلاله شكل فرصة لاستيعاب قوى سياسية كبيرة داعمة لفخامة رئيس الجمهورية، وكانت خارج الحزب إبان فترة الانتساب.
ما أريد أن أصل إليه، هو أن حزبنا ظل في ازدياد، وشكل وجهة مفضلة للعديد من الكتل والشخصيات السياسية الوازنة، بل يكاد يكون الحزب الوحيد الذي لم يشهد أي انسحاب مؤثر، ويندر أن يمر أسبوع دون تسجيل انضمامات تعزز صفوفه، وكان آخرها الأربعاء الماضي.
الأخبار: بالنظر للمستقبل، ما هي أبرز خطط حزبكم للسنوات القادمة قبل الاستحقاقات النيابية والرئاسية؟
سيدي محمد الطالب أعمر: مشروعنا الوطني مستمد من برنامج "تعهداتي" الذي نال ثقة أغلبية الشعب الموريتاني في آخر استحقاق انتخابي، وتمثل فقراته أهم مرتكزات برنامجنا السياسي، كما أن تنفيذ تفاصيله هي محاور خططنا التنفيذية التي تشتغل عليها مختلف أمانات الحزب الوطنية.
الأخبار: تشهد الساحة البرلمانية بوادر خلاف داخل كتلتكم بسبب عمل لجنة التحقيق البرلمانية، كيف تنظرون لهذا الأمر؟
سيدي محمد الطالب أعمر: لا علم لي بخلاف ذي بال في فريقنا البرلماني الذي يمثل ثلثي أعضاء الجمعية الوطنية، فقد صوت الجميع تقريبا مرتين على برنامج الحكومة العام والسنوي، كما زكى تقرير أدائها، وصوت الجميع على الميزانية العامة للدولة، وهذه هي الكليات الكبرى التي تهمنا كحزب حاكم.
تفاصيل العمل البرلماني اليومي نعتبرها شأنا برلمانيا، نواب الحزب وقيادة فريقنا البرلماني لهم الكفاءة والدراية المطلوبة لتسييره.
الأخبار: يتصاعد الجدل بخصوص استدعاء لجنة التحقيق البرلمانية لشخصيات من بينها الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، ما موقفكم من هذه القضية؟ ومن عمل اللجنة بشكل عام؟
سيدي محمد الطالب أعمر: التحقيق البرلماني عمل فني، واللجنة بعد تشكيلها أصبحت لجنة برلمانية فنية، واختفت صفتها السياسية. العمل الفني يتضرر كثيرا من مواقف السياسة في الإعلام.
ما يهمنا الآن هو استقلالية اللجنة ومهنية عملها، وهو ما ألاحظ أنه محل تقدير وإشادة من الجميع.
أما موقف الحزب فسيكون من تقرير اللجنة، وليس من تفاصيل عملها الفني. وأدعوكم في الإعلام، كما أدعو زملائي رؤساء الأحزاب السياسة، إلى الابتعاد عن الخوض في أمور يجري فيها التحقيق، لأن ذلك لا يخدم التحقيق ولا الحقيقة.
الأخبار: بدأنا بسؤال حول ما أضفتموه للحزب، ونختم بسؤال حول ما أضافته لكم هذه التجربة في قمرة قيادة أكبر أحزاب البلاد في هذه الظرفية؟
سيدي محمد الطالب أعمر: أضافت لي الكثير، وأستفيد منها يوميا، وأكتشف وأستوعب جوانب مستجدة من معالم المشهد السياسي الثري، وأعتبر أن أهم إفادة استفدتها حتى الآن، هي التي حصلت عليها من النقاشات المثمرة مع الإخوة في المكتب التنفيذي للحزب، ومع أعضاء هيئاته الأخرى، وما توصلنا له جميعا من خلاصات نأمل أن تفيد البلد والمواطنين.