لا ريب في أن العهد الجديد بعث في نفوس المواطنين الطمأنينة وأحيى آمالا عريضة في قيام الإصلاح نشر العدالة وتحقيق المساواة أمام الفرص كلها، وإن بوادر ذلك لا تخفى على أرض الواقع حيث تباطأت وتيرة، إن لم تكن توقفت، ورش البناء الخصوصية العملاقة على إثر توقف النزيف إليها من الخزينة العامة، وتراجعت سطوة الأفراد المحميين من المتابعة والمحاكمة، وكما أحس الشعب بتراجع:
- الزبونية والمحسوبية والانتقائية في جميع مفاصل الإدارة\،
- ومظاهر أخرى من الظلم والغبن والتهميش كانت بلغت شأوا غير مسبوق تحت كل الأقنعة المجحفة من قبلية سلبية وعشائرية ضيقة وطبقية عصية على الانزياح.
ولا شك أن من أسباب هذا التحسن الكبير الخطوة الأولى التي افتتح بها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني عهده الإصلاحي "التعهداتي"؛ الخطوة الفريدة التي تمثلت في تشكيل حكومة من "التكنوقراط" أطلق لأفرادها اليد لتطبيق برامجهم الإصلاحية على خلفية أن يثابوا من بعد أو يحاسبوا.
وإذ ليس فضاء الاعلام العمومي منبرا "مصطنعا":
- للمجاملات الانتقائية،
- وتلميع الأقرباء والأخلاء ضمن دائرة الاعتبارات الانتمائية الضيقة،
- ولا لحماة الجانب الوظيفي،
- ومحققي المقصد النفعي،
- ومانحي "سيزام" ولوج الدوائر المغلقة،
كما أنه ليس:
- محطة لتصفية الحسابات مع المهنيين الأكفاء وأصحاب المبادئ والضمائر الحية والقيم والالتزام،
- ولا متسعا أو مسرحا لكسب "قصب السبق" الوهمي أو المفتعل في الظهور من أجل العبور عليه قنطرة موصلة إلى دوائر القرار المتقدمة النافذة.
ولكنه منصة التلاقي الأولى، والأوْلى، بين الدولة بكل قطاعاتها وكامل أجهزتها وبين الشعب بجميع مكوناته ومختلف شرائحه وكافة فئاته، للتحاور والتبادل عبر:
- "الإخبار" الصادق عن العمل الحكومي،
- والتقييم الموضوعي،
- والنقد الإيجابي،
- والاستجابة بالمصاحبة الفورية الميدانية لتجسيد التطلعات التنموية العادلة والبناءة على أرض الواقع من خلال تنفيذ برنامج "تعهداتي" وكذا الإرشاد العملي الميداني.
وهو بذلك إنما يشكل أيضا منبرا عاليا ومفتوحا وجادا للمخلصين من الإعلاميين المهنيين، الملتزمين بقضايا الوطن، يمثل لهم "الفضاء" الرحب المطلوب، يمارسون فيه مهمة التوعية الإرشاد والتوجيه العملي.
وبالطبع فإنه ليس مقبولا في العهد الجديد، الذي بدأ بقوة تنفيذ برنامج "تعهداتي" الإصلاحي الواضح المعالم والشامل الاهتمامات، أن يظل فضاء الاعلام العمومي حكرا على بعض "رعيل":
- لا يتزحزح،
- لغته الخشبية لا تتبدل،
- وأسلوبه المتجاوز لا يعرف "التحيين"؛
ـ بعض رعيل يسد قرص الشمس عن المهنيين الأكفاء من أصحاب الضمائر النظيفة والحرفية العالية والعطاء الرفيع، وعن الشباب المتحمسين، الممسكين بجدارة ومهارة مكتسبة وعلو كعب بمفاتيح وأساليب التقنيات الحديثة؛
ـ بعض رعيل جاثم على الاعلام العام يتناوب فيه على جملة المناصب الموزعة دون تقنين أو تحيين يطرأ على أوجهه المشوبة أيضا بتقاسمها مع دخلاء من غير "الإعلاميين" و"الصحفيين"، ما يجعل من الضروري مباشرة "التنقية" خلال مرحلة الإصلاح الجديدة ولصالح مسارها، بدء بهرمه الذي "مخر" بعض أصحابه "عباب" حقب الفساد المتوالية بـ"مجاديف" التملق والتستر على مجرياتها المدمرة، وحماية أصحابها من المحاسبة والعقاب في نكث صارخ بالمواثيق المهنية الغليظة.