لا شك أن أغلب المثقفين الموريتانيين {إلا من رحم ربك} مصابون بالاعتلال النفسي المزمن، وإنها لجملة من المظاهر، الناطقة بالخور الفكري والغياب الثقافي والإبهام التاريخي والتذبذب السياسي، هي التي تشد بقوة انتباه المتجولين في ردهات "متحف" حراك الأمم، وتسبب لهم القرف باجتماعها في لوحة "سريالية" لثقافة بلدهم المعتل هو الآخر بألوانها القاتمة، والتباين فيها المختلط الطيف والباهت الإضاءة؛ مظاهر أكثرها وضوحا لهم دون سواها، في زحمة فوضى التشابك، تتجلى لهم في:
- عقم الطبقة الأكاديمية وغياب الإنتاج العلمي لديها جملة وتفصيلا في كل المجالات الفكرية مع الارتفاع الشديد في حمى الادعاء عندها بالألمعية والنبوغ على منصات الكلام الرخو والمجاملة المثبطة والانتفاعية الرخيصة،
- افتقار الحراك الثقافي "الخجول" إلى "الفاعلين" المؤهلين وغياب العمل الثقافي الرصين على جميع مسارحه المفترضة وفضاءاته الحيوية؛ غياب يؤكد العزلة الصارخة بكل وجعها المقيد عن التحرك المثمر إلى المنصات الإقليمية والقارية والدولية،
- الصراعات العقيمة من زمن ولى حول مواضيع تنتمي لجدليات أصابها "صدأ" السنين وهجرها المنطق السليم، تُستخدمُ لها وفيها لغة غابرة "مفرداتها" تحمل كثيرا من علامات الارتكاس الحضاري، ومعاني وسلوكيات الرجعية المتخلفة يحملها قالب" شعري" جَرد الشعر من نيل رسالته السامية من ناحية، ومسطرة سلوك طلقت مع القيم والمبادئ الشريفة وحب الوطن والحرص على سلامة وحدته ولحمة مواطنيه من ناحية أخرى،
وإذن، فكيف لأمة أن تنهض، بالوعي والالتزام ولبلد أن يرفع تحديات القيام بالعمل والكفاءة، ومتعلموهما وأصحاب المعارف فيهما من حملة الشهادات العالية والاختصاصات العلمية والأكاديمية المختلفة، وفاعلوهما في الحقل الثقافي من أدباء وكتاب وفنانين بكل أوجهه الرافعة، ينعمون بشقاوة بلدهم كأنهم الجاهلون مصداقا لقول المتنبي: ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم؟