من حسنات العهد الجديد أيضا تلاشي الاحتقان السياسي، الذي كان مبنيا على إيقاع قرع طبول أحزاب الأغلبية الانتفاعية المواربة وأهازيج فرقة غوغائية من النواب الذين نجحوا بالمال العام وبمؤازرة الإدارة الموجهة واتكاء على دعيمتي:
- شبه عبادة الفرد، التي بلغت ذروتها عند المطالبة بمأمورية ثالثة أو بالتحول إلى نظام ملكي يورث الحكم على حد قول بعضهم في أعلى الهرم، وذلك من خلال تمرد سافر على الدستور واستهتار شديد بخيار الشعب،
- الازدراء الشديد بـ"المعارضة" الذي اعتُمد نهجا معلنا حتى بلغ حد حظر دورها نهائيا وإخراس صوتها وشبه نفي وجودها عمليا بالتقليل المتعمد من شأنها.
ومن حسنات العهد الجديد كذلك نبرة التصالح التي تجسدت في رد الاعتبار لمعارضة البلد المهانة من خلال اللقاء مع ممثليها والتحاور معهم من ناحية، وللدولة من خلال رفع الحظر عن رؤسائها السبقين الذين عانوا أصنافا من الإهانة غير مسبوقة، وإشراكهم في إحياء ذكرى عيد استقلال البلد وكان ذلك أضعف الإيمان الذي كان الكفر به من قبل صريحا من ناحية أخرى.
كما أنه من الواجب التنويه بالعمل القيم الذي أطلق العنان للقيام به من طرف محكمة الحسابات سبيلا إلى وضع المواطنين في صورة ما جرى من نهب شديد للمقدرات وسوء تسيير للمال العام وتسليط للضوء الكاشف على سوء صرفه بـعناوين تنموية كبيرة. وهي الخطوة "البكر" التي تنم عن إرادة حقيقية لإحلال الشفافية في التسيير وتطبيق مبدأي الرقابة والمحاسبة اللذين غابا طويلا.
خطوات هامة لا شك ستثمر استقرارا سياسيا أكبر وتفتح الباب على عهد من التسيير الشفاف المبشر برفع التحديات التنموية الكبيرة وبإرادة التشاور والتعاون على المسار الطويل إلى العدالة الضائعة.