"كل نفس بما كسبت رهينة" صدق الله العظيم
قديما قيل: من حفر بئرا لأخيه وقع فيها، وصحيح أنه بما "يدينُ أمرؤٌ يُدان". قولان سديدان يرقيان إلى مستوى الحكمة البالغة، تلك التي تكشف، لذوي الأبصار النافذة، وأصحاب البصائر المتقدة، وأهل الألباب اليقظة والنفوس الزكية، مختلفَ أوجه وتداعيات التهور والغدر والتآمر والحقد والأنانية والكبر فتتجنبها ويـَ"بتعد عن الشرور فيغني له" على حد قول المثل المصري. إنها خصال شيطانية تشي كلها بالروح "النيرونية" التي يبتلي بها أصحابها، ليقتاتوا عليها ويتمتعوا بألسنة لهب الحرائق التي لا يكفون عن إشعالها بحثا عن صفاء أمزجتهم المتوحشة وهدوء بالهم المضطرب، إلى حين.
فمن ذا الذي يضمن أن ينجو من شر عمله إذا ما طفح الكيل وبلغ السيل الزبى؟
أثبتت تجارب الإنسانية في سير الأحكام أن البغي السياسي والتعسف "الحكاماتي" أشد على صاحبيهما لحظة غياب الوعي المتوازن لديهما، وأنهما كفيلان برميه على مسالك التهور ويهويا به من يعد إلى قاع الخسران.
ويزخر التاريخ السياسي المتعثر في بلاد عقلية "السية" الحادة، العصية على التغيير والمستحكمة بآفات الأسقام النفسية، حيث طبعت جل المسار منذ الاستقلال ولم يسلم من سوء منقلبها إلا من رحم ربك بعقل راجح وإصابة في حسن تدبر الأمور واستقامة القيادة بصحيح المعاملة وفاضل القيم ليكتب عند الله من الموفقين وزمرة العباد المصلحين.