أعجب لادعائية بألمعية لا يثبتها على أرض الواقع حضور مقنع وعطاء لافت فيه إبداع وتحيين. وأعجب للتغاضي عن حال ثقافية يرثى لها ونضوب فكري يعريه غياب التأليف ونضوب حقول الفكر. فلا الجامعة أعلى العتبات العلمية تمتلك طواقم من الأساتذة المبرزين تكفيها مؤونة اللجوء إلى مبرزي جامعات الغير في الجوار وغيره لمناقشة "دكتورا" علوم إنسانية دون العلوم التطبيقية التي تحتاجها البلاد وقد سجلت غيابا يلقي، لحد الساعة، بظلال التأخر المريع على خجول التحرك في عملية التشكل.
حضرت في بحر الأسبوع محاضرة، مثيرة العنوان، نظمتها جهة معلومة العطاء في حقل محاربة الجمود الثقافي والفكري والأدبي الذي ضرب أطنابه في كل حقول الفكر والثقافة والأدب؛ محاضرة أنعشها أساتذة لم يبخلوا بما أمكنهم من الجهد والجد في تقديم محتوى للجمهور الكبير الذي حضر.
ومن بعد المحاضرين أعطي تعقيب لـ"أستاذة" جامعية "ضيفة" من إحدى الجامعات المغربية فكان "الدرس" الكبير. لقد قدمت الأستاذة، في ارتجال مبهر وبلغة منسابة بديعة وثقة العارف المتقن، محاضرة أكاديمية من الطراز الرفيع ألمت خلالها بالموضوع فتناولته من كل جوانبه وأبعاده حتى وصلت بمنهجية متقنة إلى خلاصة وضعت بأيدي الخضور ما كان غاب.
ترى هل يظل الحال على ما هو عليه من "الضمور" الفكري و"الانحسار" الثقافي و"الهوان التربوي"؛ حال تصرخ بها الساحة العامة في كل مداءات "الخوى" اللامحسوس وترهن البلد أكثر للتخلفين المدني الحضاري والبنيوي التنموي؟
وهل نعتبر من تواضع الأستاذة التي اعتذرت عما أسمته جرأتها على تناول الكلام، في حضرة أهل "الشعر" -كما قالت- حول "الموضوع" الذي يتعلق جانب منه بالشعر؟