لفت انتباهي وأنا استمع إلى نشرة ثقافية لإحدى المحطات العربية الدولية ذكر عدة معارض للكتاب أقيمت في بحر أسبوع واحد في دكار عاصمة السنغال وتصدرها المنتج الثقافي والفكري الوطني بما ناهز الثلاثمائة كتاب تلامس كل أشكال المعرفة العلمية والتربوية والجامعية، وفي الآداب والعلوم الإنسانية والسياسية، والفنون السينمائية والمسرحية، والرسم والنحت والتصوير وغيرها متنوعة أصدرتها وطبعتها ونشرتها قرابة مائة دار نشر وتوزيع، وفي الخرطوم بالسوان أربعمائة كتاب من مائتي دار نشر محلية، وفي الدار البيضاء بالمغرب حيث أصدرت مئات دور النشر الراقية بضع مئات من المؤلفات الرفيعة، وفي تونس العاصمة التي لا تقل عن السابقات في مستوى مثقفيها وباحثيها وأدبائها وسياسييها وفنانيها.
اسفقت بعد نهاية النشرة لأجد نفسي، التي يطوقها الخواء من حولها، تندب واقعنا الثقافي المجدب المرير والمضحك، على الذقون العارية من هيبة العطاء الغزير والتواضع المهيب، من تناقضنا المضحك المبكي المتمثل في عقدة الادعائية المتجاوزة بالألمعية والنبوغ ما أنزل الله بمهما من سلطان في عصر ارتقت فيه الأمم بالعلم والتواضع ونكران الذات إلى مراقي التحضر والخلق والإبداع.
فلا دار للنشر تؤم في البلد كله، ولا مطبعة ترجى لنشر، ولا موزع يوصل المنتج على الأصول، ولا معارض تبرز مستوى من التأليف لائق، ولا أحد يعترف أو ينبه أو يشجب.