غلبة الظلم، فمن ينصت؟/الولي سيدي هيبه
هل تعلمون أنه في هذا اليوم الأغر عجز عشرات من الموظفين ممن أعرفهم عن تأميد عيد لذويهم في الملبس والمأكل وأن جلهم منحدر من طبقات المجتمع الموصومة بالدونية والمنتمين إلى قبائل الصف الثاني والمهمشين المستضعفين بلا رحمة.
وهل تعلمون أن قلة المتخمين في الأحياء الراقية أصبحوا يوم العيد على البذخ بلا حساب. خراف سمان وملابس فاخرة واستعداد لجولات مترفة في سيارات فاخرة...
وأن هذا البذخ والترف كله من المال العام بالنهب أو المحصل بالتبييض المحمي ولا:
- عين تدمع،
- أو رأفة تأخذ،
- أو ضمير يؤنب،
- أو فؤاد يرق،
- أو صوت يستنكر
- أو نفس ترق أو تلوم.
نعم إنه الواقع بوصمة ظلم صامت يسكت عليه الفقهاء قبل غيرهم، ويتغاضى عنه السياسيون في غيهم وبحثهم عن مصالهم الأنانية، ولا يكترث الحقوقيون بـ"الاسم" فلا يريدون الله فيما يقولون ويفعلون... إنه بلد يموت
صامتا في الظلم الهادئ والسياسة تدق طبولها.
فمن سيحمل لواء التصحيح؟
إنها صيحة المظلومين والمغبونين و المقصيين، في يوم عظيم، على أرضهم التي حرموا من خيراتها الكثيرة.
فمن ينصت؟
وتر حساس... الغبن على عتبات العيد
بينما كنت أراجع حساباتي المتواضعة بعدما تأثرت بالمصاريف الزائدة خلال شهر الرحمة، وأتحسر على النواقص من قصر ذات اليد، إذا بجاري يطرق الباب. فتحت وأدخلته حجرة الضيوف. ولكنه بادرني قائلا قبل أن يجلس و الإحراج بادي على محياه :
- قصدتك أريد سلفة ثلاثين ألف أوقية لمصاريف يوم العيد غدا، فظروفي صعبة هذه الأيام.
قلت في نفسي:
- إنه نفس المبلغ الذي بقي عندي للعيد.
لكني لم أجد بدا من إرضائه ولم يسألني حاجة من قبل. وبينما كنت أهم بتسليمه المبلغ قال وكأنه يلوم نفسه على زلة لسان وقع فيها:
- إذا لم يكن بحوزتك المبلغ فلا بأس... إنني سأتفهم الأمر... أنا موظف في القطاع "الفلاني" منذ عشرين عاما. راتبي واحد على عشرة من راتب مديري الغر الذي عين حديثا ولا تجربة له من أي نوع في العمل...
قلت في نفسي:
- لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم... أصحاب التراكم والخبرات والتجارب في وضعيات يرثى لها وجدد بلا خبرات أو تجارب يهبطون على حينن غرة ويتمتعون برواتب عالية ويد مطلقة لهم في المال العام يعيثون فيه فسادا بلا حسيب أو رقيب.
انصرفت إلى زاوية من الدار لأستل المبلغ اليتيم من جيبي ثم عدت إليه فسلمته إياه. أخذ المبلغ وقد علت وجهه ابتسامة الرضى. وقف شاكرا ومثنيا ثم انصرف.
لقد أعطيته غير نادم ما كان بجوزتي لأن الفرحة التي ارتسمت على وجهه كانت تساوي عندي الدنيا وما فيها، وليحضرني سريعا أنه من فرج عن أخيه كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب الآخرة.