إن معهد جنيف لحقوق الإنسان ليحيي بمناسبة اليوم العالمي للمرأة كل النساء والرجال حول العالم الذين ناضلوا في سبيل إعمال حقوق المرأة الإنسانية والتي لم تكن منة أو هبة من أي جهة سياسية، وإنما فرضتها كفاحات النساء لعقود طويلة لاكتساب مواطنتهن الكاملة من حقوق وواجبات متساوية أمام القانون وفي القانون. وإننا نؤكد أنه على الرغم من التقدم المحرز خلال السنوات الماضية، إلا أن العديد من التحديات لا تزال تواجه النساء والفتيات على طريق المساواة الكاملة والسلام والتنمية.
ففي مجال صنع القرار، تتحسن المشاركة السياسية للنساء عاماً بعد عام، فوفقاً لأحدث تقرير سنوي للإتحاد البرلماني الدولي بتاريخ 5 مارس/ آذار 2019م وإستنادًا إلى بيانات 50 بلداً أجرت إنتخابات في عام 2018 ، أن النساء أصبحن يشكلن نحو 25 بالمئة من عدد النواب في البرلمانات بأنحاء العالم، في مؤشر على إحراز تقدم في المساواة بين الجنسين عام 2018م. وإن حصة النساء في البرلمانات الوطنية إزدادت بنحو نقطة مئوية واحدة عن العام الماضي من 23.4 بالمئة عام 2017 إلى 24.3 بالمئة عام 2018 مما يعني أنه لا يزال أمامنا طريق طويل لتحقيق التكافؤ بين الجنسين على الصعيد العالمي وعلى جميع مستويات صنع القرار.
أما في مجال أجندة الأمن والسلام للنساء، يسلط معهد جنيف لحقوق الإنسان الضوء أيضاً في هذه المناسبة على قرار مجلس الأمن رقم 1325 الذي إعترف بآثار الحروب والنزاعات المسلحة الداخلية على المرأة وعلى دورها في بناء السلام، والذي تعزز بقرارات لاحقة منها القرار 1820الذي إعترف بأن العنف الجنسي في حالات النزاع هي قضية أمنية تتطلب رداً أمنياً إضافة الى باقي القرارات 1888، 1889، 1960 ، 2250 ويسجل المعهد هنا ضعف ترجمة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإلتزاماتها بموجب هذه الأجندة من خلال صياغة الخطط الوطنية الخاصة بالقرار .
وفي الوقت الذي قد تختلف فيه أولويات وتفاصيل قضايا المرأة وفقاً للبقاع الجغرافية حول العالم، من السعي للحصول على أجر متساوي للعمل المتساوي ومكافحة ظاهرة العنف المنزلي المتزايدة والإتجار بالنساء في الغرب، إلى مفاهيم دينية معيبة مؤسسة لدونية المرأة ، وتشويه الأعضاء التناسلية، وتزويج الطفلات والنضال ضد الفساد والسلطوية في الشرق، يجتمع الجميع على تأكيد عالمية حقوق الإنسان للمرأة، وأنه لايمكن الوصول إلى مجتمع تتحقق فيه الحقوق السياسية والمدنية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية للإنسان، إلا من خلال مبدأ المواطنة المتساوية الكاملة للنساء والرجال على حد سواء.
معهد جنيف لحقوق الإنسان يدعو إلى ضرورة وفاء دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هذه المرحلة التاريخية المصيرية بإلتزاماتها الدولية بموجب الإنضمام للاتفاقيات الدولية التي تكفل حقوق النساء، والإسراع إلى إلغاء كافة الأحكام التمييزية في التشريعات الوطنية بما يتوافق مع مبدأ سمو الاتفاقيات الدولية على التشريعات المحلية، خاصةً ما يتعلق بالمواد التي تحرم المرأة في عدة دول عربية من منح جنسيتها لأطفالها وزوجها، وأحكام جرائم الشرف، وقوانين الأحوال الشخصية والمواد التي تنتهك حركة المدافعات عن حقوق الإنسان وعمل النساء خاصة العاملات المنزليات المهاجرات، إضافة إلى ضرورة سن قوانين تجرم الإتجار بالنساء والفتيات والعنف الأسري.
يواصل معهد جنيف لحقوق الإنسان عمله هذه السنة أيضاً مع جميع الشركاء حول العالم، والهادف لتمكين النساء ورفع الوعي بقضايا حقوق الإنسان للمرأة، فهناك الكثير بعد مما يجب عمله للقضاء على التمييز بين الجنسين، خاصةً مع بروز تهديدات جديدة في السنوات الأخيرة،…