المثخنون بجراح الشرف/الولي سيدي هيبه

جمعة, 08/02/2019 - 21:04

إنهم كثر أولئك الذين جَلبوا لأنفسهم جراح الشرف بإيمانهم بذواتهم المترفعة عن درك المهانة وخيانة المبادئ السامية، حتى جُعلوا أذلة على عتبات عروش المستأذبين والمنافقين والمتآمرين على بقايا من بقايا بعض كرامة للغابرين؛ جراح شرف غائرة تم على إثرها نفيهم من متن التعيينات وكتاب الترقيات، وعَميت العيون عن مزاياهم الفاضلة، وصُمت الآذان عن نداءاتهم الصادقة العالية باتباع طريق الخير والرفعة والبناء للوطن، ولتوصد في النهاية أمامهم أبواب الشعور بالمواطنة و تسلم البلاد لأهواء الاستعلائيتين من عقد النقص بكل أطواره.

إنهم مسيرون من الطراز الأول بقدرات علمية وفنية مجربة، عزلوا لأسباب:

  • سياسة واهية،
  • ومجتمعية مخلة،
  • وحسابات ظالمة،

من دون مراعاة لما يسببه ذلك من إخلال بمسار العمل الإداري والفني والتسيير لمصالح البلد العمومية الحيوية، همشوا ثم استبدلوا بهابطين من:

  • جيوب المجاملات،
  • والتقاسمات التحالفية الاقطاعية، القبلية والمحاصصية؛

هابطين أوقعوا الإدارة في شراك التخلف الأبجدي، والإخلال بالمسار الطبيعي لها إلى تلبية مطالب الانسيابية وإرضاء المواطن ومصاحبة مسار التنمية والبناء والتطور في سياقات العولمة الجديدة ومقتضياتها المشتركة.

كما همش لذات الأسباب الظالمة:

  • الأكاديميون المتمكنون حتى هاجر البعض وذبل الآخر،
  • والإعلاميون أصحاب الأقلام الصادقة المنيرة،

وبقدر ما قد تم استبدال الأكاديميين، أصحاب النظريات الثاقبة والتوجيهية اللامعة والقدرات المشهودة، بغوغائيين لا يجيدون إلا لغة التملق ورمي المحصنين فكريا وثقافيا وأخلاقيا، ولا يحترمون قيم المعرفة وأخلاقيات العلم التي يوجبها حمله في الصدور وبثه، على الألسن المتحررة من لغو الكلام وأدران النفوس المضطربة، بمنهجية الاستقامة والنزاهة العلمية،

تمت محاصرة، بل إغراق، الإعلاميين الشرفاء عمدا بأمواج عاتية من الغثاء لتمييع رسالتهم الجريئة في صدق والمتجردة في غير مجاملة غرضية من النوايا التزلفية والمتآمرة على المسر الصحيح لبلد ما زال يبعث عن ذاته ويتحسس طريق ركب الأمم التي قطعت أشواطا متقدنا إلى منصة العولمة.

ولا شك أن حصار هؤلاء، الذين أثخنوا بجراح شرف عزلهم عن مسار الفساد والنهب وسوء التخطيط وصراع المصالح الماضوية الضيقة والتمكين للرداءة والتآمر بالفعل التسييري المدمر، لن تجني من ورائه البلاد ـ إن ظل نهجا متبعا ـ  إلا مزيدا من التقهقر والبطء عن اللحاق بقافلة الأمم، واستمرارا     للتمكين لصراع "الجهل المنشأ" للتأسيس تواصليا ومشاريعيا، لأن هذا الجهل وحده هو الذي يتيح للفساد إعادة التهيكل في فراغات الانتهازية السياسوية والماضوية.