كلمة الرئيس محمد ولد الغزواني : الدبلوماسية فوق جدل اللغة ومضامين الاستراتيجية/الولي سيدي هيبه

خميس, 10/07/2025 - 00:20

تعتبر الدبلوماسية فنًّا يعتمد على ثنائية "السياق" و"النتائج" أكثر من اعتماده على الرمزية

 

لبّى رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني - مع رؤساء ليبيريا والسنغال وغينيا بيساو والغابون - الدعوة الموجهة إليهم من ريس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد اترامب للمشاركة في قمة رفيعة المستوى لمناقشة قضايا تجارية واقتصادية وأمنية وسياسية. ويندرج هذا اللقاء في سياق السعي الأمريكي الجديد إلى تعزيز الشراكة بين القارة الأفريقية والولايات المتحدة.

وقد ألقى الرئيس محمد ولد السيخ الغزواني كلمته خلال الجلسة الافتتاحية باللغة الفرنسية، مُستهلًا حديثه بالشكر للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، على مبادرته بتنظيم هذا اللقاء، قبل أن يقدم عرضًا شاملاً عن موريتانيا، مركزًا على موقعها الجيواستراتيجي الفريد كجسر بين شمال أفريقيا وجنوب الصحراء، ودورها المحوري في تعزيز الأمن والاستقرار بمنطقة الساحل.  

 

الرؤية الدبلوماسية: توازن الخطاب وأولوياته

تمحورت كلمة الرئيس حول ثلاثة محاور أساسية:  

  1. التعاون الدولي :

أشاد بدور الولايات المتحدة كفاعل رئيسي في تحقيق الاستقرار العالمي، معتبرًا سياسات إدارة ترامب آنذاك نموذجًا للتدخلات الدبلوماسية الهادفة إلى حل النزاعات، لا سيما في أوكرانيا والشرق الأوسط.والهند وباكستان وفي القارة الافريقية.  

  1. القضايا الإقليمية

تطرق إلى التوترات بين إسرائيل وإيران، معربًا عن قلقه إزاء الوضع الإنساني في فلسطين وغزة، وداعيًا إلى تبني حلول قائمة على الحوار.  

  1. صورة موريتانيا:

قدّم بلاده كشريكٍ فاعل في المعادلات الإقليمية والدولية، مع التركيز على سياسة الانفتاح وبناء الشراكات الاستراتيجية.

 

جدل اللغة: قراءة بين السياق والرمزية 

لقد أثار اختيار اللغة الفرنسية ردود فعل متباينة داخل موريتانيا:   

1.المؤيدون: 

رأوا فيه خيارًا عمليًا يتناسب مع طبيعة القمة وتركيبة الحضور (غالبية الناطقين بالفرنسية)، وتعزيزًا للتواصل المباشر مع الشركاء الدوليين.  

2.المنتقدون:

اعتبروه تنازلاً عن الهوية العربية-الإسلامية، خاصة أن العربية هي لغة البلاد الرسمية.  

ومع ذلك، فإن التركيز على الجدل اللغوي يخاطر بإغفال جوهر الرسالة السياسية التي حملها الخطاب، والتي أكّدت على:  

-المرونة الدبلوماسية في التعامل مع المحافل الدولية.  

-الرؤية المتوازنة لموريتانيا بين انتمائها الأفريقي وارتباطها بالعالم العربي.  

-التركيز على المضمون بدلاً من الشكل، بما يخدم المصالح الوطنية.  

 

الدبلوماسية كلغة فوق اللغة

والحقيقة أن رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني أثبت قدرة على توظيف الأدوات الدبلوماسية ببراعة، مقدّمًا موريتانيا كدولة واثقة بقيمها، منفتحة على تعاون دولي يحترم خصوصياتها. 

الجدل حول اللغة، وإن كان مشروعًا، إلا أنه يجب ألا يحجب حقيقة أن الخطاب حقق أهدافه في:  

- تعزيز الحضور الدولي لموريتانيا.  

- إيصال مواقفها بوضوح في قضايا السلام والأمن.  

- ترسيخ صورة القيادة الموريتانية كفاعل حكيم في الساحة الدولية.  

 

وفي كل الأحوال فإن الدبلوماسية تبقى فنًّا يعتمد على ثنائية "السياق" و"النتائج" أكثر من اعتماده على الرمزية، والرئيس محمد الشيخ ولد الغزواني – بهذا الخطاب – قدّم نموذجًا معتبرا في كيفية موازنة الهوية مع متطلبات السياسة العالمية.