خلفية مقال "وترجل المثقفون"/الولي سيدي هيبه

ثلاثاء, 03/06/2025 - 10:40

في عالم أصبحت فيه الثقافة رافعة للتنمية والهوية والسيادة الرمزية، لا يمكن أن تبقى الثقافة في موريتانيا رهينة للتقليد، أو مجرد مناسبة لمد اليد والطمع في المال العام كنت دعوت بصراحة السعي إلى النهوض بالثقافة كقطاع إنتاجي وتنويري بهدف تجنب البقاء في قوقعة التهميش والعزلة الحضارية.

مقال "وترجل المثقفون" أردته صرخة صادقة وموجعة في وجه الفراغ الثقافي المتفاقم في المجتمع، وانتقاد لاذع لحالة الانحطاط الثقافي والفكري التي تعيشها البلاد، نتيجة ارتداد النخب المثقفة، وفشل القائمين على قطاعات الدولة المعنية في بلورة سياسات ثقافية فاعلة وجادة.

وكانت أبرز القضايا التي تناولها المقال:

  1. ارتداد المثقفين واستقالتهم عن دورهم

وقد أشرت بوضوح إلى أن كثيرًا من الذين يُطلق عليهم مصطلح "المثقفين" قد انزووا خلف مصالحهم الشخصية، فآثروا الصمت أو التبرير بدل حمل مشعل التنوير والنقد والإبداع. انسحبوا من ميدان الفعل الثقافي، وارتضوا لأنفسهم دور التابع لدوائر النفوذ، لا الناقد والمبادر.

  1.  الضعف المؤسسي والانعدام الاستراتيجي

كما يُسجّل المقال غيابًا تامًا لسياسات ثقافية منهجية، الأمر الذي يجعل الجهات المسؤولة تتخبط في ارتجال مكرر، وتقلد حركة ومهرجانات العالم دون فهم حقيقي لدورها التنموي والثقافي.

  1. المهرجانات بوصفها استنزافًا للمال العام

ينتقد المقال بدون مجاملة تنظيم مهرجانات ثقافية بلا رؤية ولا مردودية، وهي لا تسهم في تعزيز الهوية أو رفع الوعي أو بناء الاقتصاد الثقافي، بل تتحول إلى مناسبات عبثية تنتهي عند صرف ميزانياتها، وتوزيع الريع على منظميها.

  1. ابتذال وتشويه التراث

كما أبرز المقال التخوف الحاصل من تحويل التراث إلى منتج سطحي مشوه في هذه الفعاليات، بدل تقديمه بصدق وإبداع وفهم، ما يخلق قطيعة بين الماضي الأصيل والحاضر المرتبك القلق.

  1. غياب الفنون كرافعة حضارية

وبادر المقال إلى الإشارة على غياب :

  • المسرح،
  • السينما،
  • الموسيقى الحديثة،
  • المعاهد المتخصصة،
  • الإبداع الأدبي القادر على التفاعل مع هموم الناس،

مما يجعل البلاد غائبة عن الركب الحضاري والثقافي العالمي.

لغة المقال:

جاءت لغة الكاتب ثريّة، متأنية، وحمّالة لرموز وأمثال شعبية، تعكس عمق الارتباط بالتراث والمجتمع المحلي، لكنها في الوقت نفسه، تُدين هذا التراث حين يكون أداة للتواكل أو تبرير الفشل، كما في المثل الشعبي الذي يختتم به بمقولة "الل غلبتو الدنيا إكول الآخرة جات"، في إشارة إلى الهروب نحو الوهم والتبرير.

خلاصة الرؤية:

لا يهاجم المقال الثقافة، بل يستنهضها؛ يأسف على موت الإبداع، ويدعو إلى استعادة دور المثقف الحقيقي، وصياغة مشروع ثقافي وطني جامع، ينطلق من الهوية، ويواكب العصر، ويصنع الأثر.