"التعاون الإسلامي" ومجمع الملك سلمان العالمي يحتفلان بالعربية ويؤكدان على التعاون لتعزيز حضورها في المنظمات الدولية

خميس, 02/02/2023 - 16:57

جدة (يونا) - برعاية وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس أمناء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية، الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، انطلقت اليوم الخميس فعاليات "ملتقى الاحتفاء باللغة العربية للشعوب الإسلامية"، الذي ينظمه مجمع الملك سلمان بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي في مقر الأمانة العامة للمنظمة بجدة.
وفي مستهل الملتقى، قال سفير جيبوتي لدى السعودية المندوب الدائم لدى منظمة التعاون لإسلامي السفير ضياء الدين بامخرمة إنَّ اللغة العربية كُرِّمت بالقرآن الكريم، فكانت لغة خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، كما أنها أصبحت لغة ثقافة وحضارة امتدت من مشارق الأرض إلى مغاربها بفضل انتشار الإسلام، دين الحضارة والعلم والرقي.
وأشار إلى أنَّ اللغة العربية يتحدث بها قرابة نصف مليار نسمة على كوكب الأرض، وهي ضمن الأربع لغات الأكثر استخداماً في الإنترنت وبنسبة 6.66% بعد الإنجليزية 25% والصينية 18% والهندية 11.51%.
ولفت بامخرمة إلى أنَّ اللغة العربية أصبحت منذ العام 1973 ضمن اللغات الرسمية للأمم المتحدة بعد قرار مقترح من قبل المملكة العربية السعودية، مشيراً إلى أنه في عام 2012 كرست منظمة (اليونسكو) 18 ديسمبر يوماً عالمياً للغة العربية، لما للغة العربية من أثر بالغ في الحضارة والثقافة الإنسانية.
من جانبه، أكد المندوب السعودي الدائم لدى منظمة التعاون الإسلامي الدكتور صالح بن حمد السحيباني أنَّ السعودية وانطلاقاً من مرتكزات رؤيتها الوطنية تقدم كل الدعم لتعزيز حضور اللغة العربية في العديد من المنظمات الدولية، مشيراً في هذا الصدد إلى جهود مجمع الملك سلمان العالمي.
وعبر السحيباني عن أمله في أن يمثل الملتقى انطلاقة وثابة تستشرف المستقبل وتعزز العمل الإسلامي المشترك في مجال تعزيز حضور العربية في المنظمات الدولية، مشدداً على أنَّ الملتقى يبرهن عن جهود المملكة العربية السعودية الرائدة في سبيل نشر اللغة العربية والمحافظة عليها، حيث أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود القول بأنَّ هذه البلاد التي أنزل الله تعالى القرآن الكريم على أرضها، وعلى نبي منها، وبلغتها أولى بأن تحتفل بذلك.
وأشار السحيباني إلى أنَّ مناسبة اليوم العالمي للغة العربية تمثل فرصة كبرى للفت الانتباه والتذكير بالعمل الجاد نحو خدمة لغة القرآن الكريم، كما أنها فرصة ساحة للتعاون والتشارك والتكامل في سبيل إنجاز مشاريع كبرى ونوعية تخدم اللغة العربية في كافة الجوانب.
وأضاف: "من هذا المنطلق فإنه من مسؤوليتنا جميعاً أن نحافظ على هذه اللغة لكي تواصل دورها كما كانت في سابق الأزمان رافداً حضارياً للشعوب الإسلامية".
وأكد أن اللغة العربية تحظى بمكانة بارزة في منظمة التعاون الإسلامي، مشيراً في هذا الصدد إلى حضور العربية في الوثائق الرسمية للمنظمة، واهتمامها بالترجمة منها وإليها.
بدوره، أكد الأمين العام لمجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الدكتور عبدالله الوشمي أن احتفاء المجمع باللغة العربية لغة للشعوب الإسلامية بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامي التي تضم في عضويتها 57 دولة، منها 22 بلداً عربياً، يمثل إدراكاً من المنظمة ودولها بأن اللغة العربية تُمثّلُ ركناً رئيساً في الثقافة الإسلامية، حيث تتصف بأنها من اللغات النادرة الغنية بالمفردات والصور الفنية والعمق الدلالي، كما أنها تعد الأصل لكثير من المفردات في بعض اللغات الغربية والآسيوية في مختلف المجالات، وعلى رأسها العلوم.
وأضاف أنه يُحسب لمنظمة التعاون الإسلامي دعمُها للغة العربية، منذ إنشائها في العام 1969، حيث تُمثل لغة رسمية، من بين اللغات المعتمدة، في جميع أجهزتها والمؤسسات التابعة لها، مشيراً إلى أنَّ هذا الدعم "يندرج ضمن سياق إستراتيجية كبرى لتوظيف لغة القرآن الكريم في البناء الحضاري الإسلامي والإنساني، وفي ترسيخ الهوية الإسلامية ونشر قيم الوسطية وتفعيل آليات التعارف والتقارب بين الشعوب والحضارات والديانات".
وقال الوشمي إنَّ "إحدى مقومات النهوض بالأمة الإسلامية تقتضي المحافظة على الهوية، وهذا ما دفع النظام العالمي إلى الاعتراف مُبكراً باللغة العربية حين قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والعشرين للعام 1973م، أن تكون العربية لغة رسمية سادسة في الجمعية العامة والهيئات الفرعية التابعة لها".
وأوضح أن اللغة العربية نجحت عبر أزمنة طويلة في أن تستوعب ثقافات مختلفة، فجمعت بين طياتها العربية، والفارسية، واليونانية، والأوردية، والأوروبية وغيرها، وجعلت منها حضارة واحدة، انتقلت خلالها من كونها لغة للتعبير عن المقصد إلى أيقونة للعلوم والثقافة والفنون، فأصبحت بذلك عالمية المنزع، إنسانية الرؤية.
وأكد أنَّ احتفاءنا اليوم بواقع اللغة العربية في أروقة منظمة التعاون الإسلامي، يُحتم علينا بذل مزيد من الجهود المؤسسية لتعزيز حضور لغتنا العربية، مؤكداً أنَّ المجمع يسعى في هذا الصدد إلى ربط اللغة بالثقافة وفهم اللغة العربية في سياقها الجمالي الكبير، وهو سياق يؤكده ارتباطها بالأدب والغناء والموسيقى وجماليات الخط العربي، والأزياء والنقوش، وما يكتب على الجدران، وعلى الجبال، وعلى الأيدي، وغير ذلك.
وعبر عن تطلعه إلى مزيد من الشراكات ومسارات العمل المشتركة مع هذه المنظمة العريقة، لافتاً إلى أن الجانبين لديهما تواؤم كبير في الأهداف والرؤية والبرامج.
وأعرب الوشمي عن الشكر الكبير لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان نظير الدعم الكبير لنشر اللغة العربية في العالم.
وقال الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه إن اللغة العربية التي يتحدث بها أكثر من 467 مليون نسمة، هي من بين اللغات الأربع الأكثر استخداماً في الإنترنت، وكذلك الأكثر انتشاراً ونمواً بين اللغات الأخرى.
وأوضح أن المنظمة، وحرصاً منها على إيلاء اللغة العربية ما تستحقه من اهتمام ورعاية، وبتعاون ومبادرة من المملكة العربية السعودية قد رفعت مشروع قرار سيعرض على المجلس الوزاري القادم المزمع إقامته في جمهورية موريتانيا الإسلامية للاحتفاء باللغة العربية ودعم حضورها، وتعزيز وجودها واستخدامها في المحافل الإقليمية والدولية.
ونوه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي بموافقة مجلس الوزراء السعودي، الثلاثاء الماضي على تسمية عام 2023 "عام الشعر العربي"، وما تعكسه هذه المبادرة من احتفاء بالقيمة المحورية للشعر في الثقافة العربية على امتداد تاريخ العرب.
يذكر أن الملتقى تضمن جلسة استعرضت فيها الجهود التي قامت بها منظمة التعاون الإسلامي والمؤسسات الرسمية في خدمة اللغة العربية.
واستعرض الدكتور مجدي حاج إبراهيم من منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) جهود الإيسيسكو في نشر اللغة العربية وتعليمها وتأسيس الكراسي العلمية في مختلف الجامعات لنشر الدراسات والأبحاث عن العربية وتعليمها.
كما استعرض مدير مركز الأبحاث للتاريخ والفنون والثقافة الإسلامية (إرسيكا) الأستاذ الدكتور محمد أرول قليج جهود المركز في نشر التراث العلمي المكتوب باللغة العربية وإسهاماته في نشر المخطوطات العربية، وترجمتها.
وتناول الدكتور هشام خوجلي إسهامات منظمة التعاون الإسلامي والأجهزة التابعة لها في مجال نشر اللغة العربية وتعزيز حضورها في المنظمات الدولية.  
كما استعرض الدكتور خالد بن سليمان القوسي من مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية جهود المجمع في تعزيز حضور اللغة العربية على الصعيد العالمي.
وصاحب الملتقى إطلاق مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية كتابه التوثيقي: "اللغة العربية في منظمة التعاون الإسلامي"، وإلقاء قصائد لشعراء من العالم الإسلامي.