على الرغم من أن التعليم حق أصبح معترفا به لكل إنسان بغض النظر عن جنسه إلا أن تمدرس البنات في بعض المجتمعات ما زال يعرف بعض العراقيل العائدة إلى رجعية في التفكيرو تمسك ظالم بقوالب واعتبارات مجتمعية ظلامية تنتمي للماضي السحيق. ولكن نضال المرأة المرير ومساندة الرجل المثقف العصري لها كسر العديد من هذه الاعتبارات والحواجز الظالمة حتى بات أعداد المتعلمات اللاتي تلجن المدارس يزداد باستمرار وأصبحت نتيجة لذلك بعض النسوة تتبوأن مواقع متقدمة في كل مجالات الحياة العلمية والمهنية ومناصب قيادية في السياسة أيضا. بعضهن قدن بمهارة وحكمة وشجاعة وحسن دراية بلدانهن كادرا غاندي في الهند وبنازير بوتو في الباكستان ومار غاريت تاتشر في بريطنيا وغيرهن كثيرات أثبتن بتعليمهن العالي جدارة فاقت في كثير من الأحيان جدارة الرجال. وينطبق الأمر على الحقل العلمي والبحثي حيث أبلين بكل جدارة وعبقرية فائقة. وإن من بينهن الفنانات والشاعرات والكاتبات والباحثات والمخترعات والمهندسات والاقتصاديات والمخططات. زلكن كل ذلك بفضل التعليم لما فتحت لهن أبوابه. فهن أكثر اجتهادا من الرجال وأكثر صبرا على التحصيل وأقل انشغالا عن الدراسة.
ولأن الشعوب الواعية أدركت أن التعليم هو الركيزة الأساسية للتنمية فإنها أدركت كذلك أنه من الضروري تمكين المرأة من الولوج إليه وتذليل العراقيل وكل الصعاب التي قد تحول دون ذلك ومن أبرزها:
الفقر الذي يقتل الملكات وقلة الوسائل عموما وفي المناطق الريفية على وجه الخصوص حيث لا تتوفر المدارس بشكل كاف وحيث يكابد من هم في سن التمدرس مشقة النزوح بحثا عن المدارس لأبنائهم الذين يخيم عليهم شبح الجهل مع الفقر والعزلة والمرض.
وفي موريتانيا لم يطرح تعليم الإناث مشكلة حيث أنجب المجتمع الموريتاني للعالم شاعرات مفلقات ومعلمات تخرج على أيدي بعضهن علماء أجلاء. ولكن ظروف العيش القاسية وطبيعة البلد الصحراوية قبل الدولة كانت تمنعهن من التعمق في الدراسة ومن طلب العلم عبر الأسفار.
ولما كانت المدن ونزوح الناس إليها وقد أصبح ولوج الأطفال إلى المدارس متاحا فإن البنات حرمن منه على نطاق واسع لترسب عقليات قديمة ترى فيه مساسا بالأخلاق وإطلاق العنان لموجة اتباع الغرب في تحرره. فيما يرجع البعض أيضا الانخفاض في معدل تمدرس البنات في موريتانيا إلى أسباب أخرى اجتماعية وثقافية كجهل أولياء الأمور بأهمية تعليم البنات والقصور عن فهم أنهن يستطعن وبجدارة أداء أدوار متقدمة في بناء الوطن.
وظلت هذه الأقطاب المناصرة لهذا المنطق الظالم المهيمن هو المتحكم حتى أخذت الدولة على عاتقها مسؤولية فتح أبوب المدارس للجنسين دون تمييز. وعلى الرغم من هذه الخطوة الحضرية المتقدمة لازال الأمر يحتاج إلى كثيرمن تكاتف الجهود وحملات التحسيس للرفع من معدل تمدرس البنات.
لكن المتتبع لواقع البلد في الأوان الأخيرة لا بد أن يلاحظ التقدم الكبير والسعي الحثيث من لدن الدولة لتمكين المرأة مما تشهد عليه المعدلات المرتفعة للتعليم النسائي المصحوب بالتفوق الذي تحققه الطالبات في الشعب العلمية والأدبية ويكفي للدلالة على ذلك أن أغلب مسابقات شهادة الباكالوريا تنتهي بتتويج بنات متفوقات على رأس جميع الشعب.
وتمثل نسبة البنات ضمن المترشحين لهذه الشهادة هدا العام نسبة 50.80 % أي 25274 بنتا من مجموعٍ 49754 مترشحا . تجدر الإشارة إلى أن الاهتمام بالكيف أهم من ألكم في الحسابات المتعلقة بتعليم البنات في البلاد، علما بحاجة المدارس والجامعات إلى التجهيزات المطلوبة بإلحاح شديد والمراجع من الكتب والمكتبات الصوتية والمرئية و أصناف المختبرات للتطبيقات سعيا إلى المسايرة واللحاق بالنهضة التي حققت الأمم وحتى تصبح صروحنا التعليمية فاعلة ومؤثرة في رسم المستقبل المشرق لهذه البلاد وللأجيال التي تبنيها من النساء أو الرجال.