إنهم الأساتذة أنفسهم الذين هجروا نبل التعليم وسمو رسالته إلى لغة الخشب التمجيدية المتقعرة بلازمة شعرية مفتعلة يملؤون بخوائهم من مضامين المكانة التي حصلوا بالدراسة، ومعهم "السياسويون" المتحولون والمستذأذبون بلا مبادئ ثابتة أو خطاب مرجعي، الذين يجلسون جميعهم بلا خجل على ذات الكراسي حول نفس الطاولات والموائد الحوارية التي جلسوا عليها طيلة العشرية المنصرمة، وما قبلها بالنسبة للعديد منهم، فلا يغيرون في جديد التناول أمام نفس الأبواق والكامرات إلا أسماء المستهدفين بسيل مفرداتهم المادحة التي يحفظونها عن ظهر قلب، لا يتلعثمون عندما يردون على ذات الأسئلة التي تردهم، وفي الغالب، من ذات الأفواه التي كانت معهم قبل التحول، من صحفيين ماهرين في لغة الخشب و"تدوير" المواقف وعزف نغمة التمجيد، يمتلكون قدرة خارقة على كسر الحواجز الواهية بين الأمس والحاضر بلمسة البلاغة المتمرسة على التحوير الجريء والمتحررة من حكم الضمير.
فهل تحتاج المرحلة الجديدة، بما تسعى إليه من إصلاح جذري وما تسفر عنه من نتائج تصب في هذا الاتجاه الحازم، إلى إعلام يعيد تدوير "لغة خشب" بائسة تضر أكثر مما هي قادرة على لعب دور في التنوير والمصاحبة المطلوبة بإلحاح لمسار التصحيح الذي أطلقه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني وقد أوعز تحقيقه لحكومة تكنوقراط يعلم أفرادها أنهم تحت عهدة الصرامة في الحساب إن حادوا والثواب إن أجادوا؟