أثناء الانتقال من قناة محلية إلى أخرى لاحظت افتقارها جميعها، حتى العظم، إلى المادة الاعلامية المهنية المتقنة الاعداد والجيدة لإرضاء الفضول المعرفي وتغذية العقول المنشدة التنوير، وإفادة وإغناء وإكساب السلوك المدني مقومات المضي في مسار بناء المواطن السوي. ولفت انتباهي تشابه معظم برامج هذه القنوات التي تصنف بالتراثية والتاريخية والثقافية الوطنية، حتى كنت أخال البعض يحاكى البعض بفارق عدم ذكر الملكية لأي منها.
وإذا كانت القرى والمدن والمواقع الأثرية المستهدفة بالتصوير هي ذاتها بذات الشخوص التي تشكل محور المادة الخالية من العمق والزوايا التصويرية الناطقة بالتميز، فإن الذي يكون من الاختلاف في التناول بسيط ومتعمد لا يتجاوز البصمة الخجولة وإبراز شعار التلفزيون.
كما لم يغب علي، أيضا - في العناصر المصورة والمقدمة على أنها برامج ثقافية تاريخية وتراثية - أن الداخل الذي يحلو للبعض تسميه بالعمق (قصد التثمين بالإشادة بتخلفه) لا يقل خواء ثقافيا ولا مجونا بخسا عن المدن الكبرى، ولا أقل انغماسا في أقل الأنشطة محتوى للتوعية الإيجابية حول التعليم والصحة والعمل والتثقيف بالوسائل الحديثة التي أصبحت في المتناول.
ويبقى من المؤسف أن تظل الأنشطة، التي يستمر تصويرها في تكرار مريع وبلا منهجية وتقديمها على أنها إبداع، تضج بالأوجه السلبية عن الموروث والتاريخ؛ أوجه غير قابلة للتحديث والتسويق ضمن أنشطة التعريف بالبلد في المهرجانات والمعارض والمحافل السياحية الدولية.