بين استخدام النفوذ واستحكام الشذوذ/الولي سيدي هيبه

أربعاء, 07/06/2023 - 10:54

شهدت الليل البارحة مشهدا لم يترك لدي شكا في ضياع هذا المجتمع الأخلاقي وزيفه المكشوف وقد أسهم في تعرية  ما كان مطمورا تحت كم هائل من المساطر الاخلاقية الفاخرة بالفاظها المنظومة والمنثورة، المرسلة علي إيقاعات النفاق والتزلف، وكذلك السافرة في مخالفتها الصارخة لروحها السامية ولغنائية الفاظها ونبل مفرداتها. 
وسط مكان من العاصمة، تتواجد على فضائه الرحب بعض أهم مؤسسات الدولة، توقفت فجأة سيارة رباعية الدفع فارهة بعدما كانت تسير بسرعة فائقة. تعالت متها اصوات شجار بين امرأة ورجل. نبهني صوت فرامل متلاحق وانبعاث أصوات صارخ امرأة. نزلت مسرعا عن سيارتي المركنة وتوجهت لنجدة المرأة التي تستغيث :
-أدركوني، إن الرجل يريد قتلي بمسدسه ويقول لي إنه ابن الجنرال فلان. اراد اغتصابي ولما استعصيت عليه أخرج مسدسه.
وبينما كنت اهم بالتدخل التحق بي أشخاص سمعوا الاستغاثة وهرعوا إلى المكان. 
إنه شاب في ربيع العمر وهي شابة ثلاثينية يكتبان بألفاظ بذيئة فصلا جديدا من معارك الضياع الأخلاقي في بلاد لم تخرج بعد من منطق السيبة واللادولة المعشعشة في النفوس. 
الشاب يريد بغاء والشابة تريد مالا.
هذه الحقيقة تقبلها بسرعة كل الحضور وكأنها امر طبيعي يجب تسويته بالتراضي وطي صفحته علي أديم لا يغار اهله على شرف او دين او مدنية حتى.
استغلال لنفوذ المستحكمين وجراة لتحصيل المال بلا حياء أو خوف من تداعيات. 
أليس في هذا المشهد دليلا لا يدع مجالا لأدنى شك في ان الوضع الاخلاقي السائد يقلص مساحة اي أمل في تفيئ ظلال دولة أخلاق يدعي أهلها العلم وامتلاك زمام الأدب ومساطر الاخلاق الرفيعة والقيم العليا.
حادثة البارحة ليست أسوء من غيرها من المآسي التي تحدث وتجري فصولها في كل أوجه الحياة المعيشة والشارع السائب؛ حوادث: 
-مخالفة لسلامة السلوك العام،
-خادشة للحياء، 
-مستهترة بالدين الذي يستخدم، في مفارقة عجيبة، للإفلات من العقاب بمهارات عالية في صنوف فنون.:
-التحريف، 
-والتأويل، 
-والتكييف، 
-ولي أعناق النصوص،
-والقبض الثمن القليل.

ويبقى اللافت في القصة التي لا تختلف عن غيرها بما: 
-لا يندى له جبين 
-ولا يتأثر به شعور 
-و لا يثير غيرة 
-ولا يحدث استياء، 
هو هذا التمادي المفضوخ في استغلال نفوذ: 
-أصحاب الوظائف السامية، 
-والمناصب العالية، 
-والمراكز المستحكمة، 
بلا تردد ولا خوف من محاسبة أو مساءلة أوعقاب.