وتر حساس... يموت الوقت ألف مرة ولا يحيى إلا ليموت

أحد, 29/09/2019 - 23:35

وإنى لأعجب من حجم التسجيلات الصوتية والمقالات والرسائل الكلامية جملا ونصوصا التي تحملها في كل لحظة وسائط التواصل الاجتماعي وتنفثها عبر الهواتف والحواسيب في كل البيوت والاوساط الثقافية والعلمية والإدارات وكل فضاء تجمع؛ تسجيلات وكتابات، تقطر سما معطِلا للمسار الحتمي للعطاء وقاتلا للأفراد والجماعات، لا تتوقف في شبه حروب كلامية مشتعلة على كل الجبهات وليس أقلها الوقت الذي يموت ألف مرة ثم لا يحيى إلا ليموت.
نعم إنها حروب مستعرة نارها بين:
- الحقوقيين يُسفه بعضهم بعضا،
- والاقتصاديين يجهل بعضهم بعضا،
- والسياسيين يلعن بعضهم بعضا،
- والفقهاء يعير بعضهم بعضا
- والشعراء يشتم بعضهم بعضا،
على خلفية الانتماءات الضيقة القبلية والجهوية والطبقية، وبقوانين ووسائل "السيبة" وتوظيف مشين للإرث الحضاري بكل أوجهه؛ توظيف لا تخفى أوجهه حين يقحم الحقوقيون "قضاة" السلف و"علماءهم" بأسمائهم في الصراعات الدائرة، على أقل النوازل أو القضايا أهمية، من أجل التطاول على الخصم أو إفحامه مستخدمين بلا خجل علمهم أو مهارتهم أو تميزهم كأنه إرث لهم يستخدمونه متى يشاؤون بحق صك ملكية متوارثة.
وهو ذات الأمر الذي يفعله غيرهم من المتصارعين بكل وجه، لا يتورعون عن استهلاك "حكمائهم" و"شعرائهم" و"ألمعييهم" لكسب معاركهم التي لاتسمن البلد برفعة ولا تغني أهله من جوع، غير مكترثين جميعهم بالحكمة القائلة وإذا انتصرت على أخيك فما انتصرت على أحد، ولا عاملين بمقتضى قول الشافعي: لَمَّا عَفَوْتُ وَلَمْ أَحْقِدْ عَلَى أَحَدٍ ...... أَرَحْتُ نَفْسِي مِنْ هَمِّ الْعَدَاوَاتِ.
إنه العجز أولا عن الخروج من عباءة الماضي وقيمه التي لم تعد تلائم الحاضر، والعجز ثانيا عن التميز والابداع ومعانقة الحداثة والاستجابة لمتطلباتها في عطر الدولة التي لا تستغني عن ذلك، والعجز ثالثا عن قطع الوقت بسيف الجد حتى لا يظل هو من يقطع أوصال البلد إربا إربا ويرميها على آثار الركب الأممي المسرع إلى مجرة العولمة.