ضد الكراهية... أم شعور بالذنب؟

اثنين, 21/01/2019 - 12:23

إبراهيم بلال رمظان ـ رئيس هيئة الساحل من أجل حماية حقوق الإنسان و دعم التعليم و السلم الاجتماعي

لم افهم جيدا مسوغات الحملات التي أعلنها النظام ضد ما أسماه "خطاب الكراهية "! فعلا صدرت بعض السمعيات الشاذة وحملت خطابا سوقيا لا يمثل أحدا و لا أحسبها - في معظمها - بريئة لسرعة انتشارها.. فقد أرسلها لي عشرات "الأصدقاء" و أحيانا بصفة متكررة .. و لم أرسلها لأي أحد بل لم أكمل الاستماع إليها، لأنها فعلا مقززة!

 

هنا يتجلى دور مخابرات الدولة - إن لم تكن هي المصدر - في أن تبحث عن هؤلاء الأشخاص و تقدمهم للعدالة و يخضعون لمحاكمة علنية تجعل منهم عبرة لمن يعتبر. و عندها يكون "خطاب الكراهية" محصور و محدود في زاوية ضيقة! وأن لا تطلق الاتهامات جزافا و يختلط أصحاب القضايا العادلة مع المهرجين و الممثلين! لكن في المقابل يجب على السلطة التنفيذية أن تدقق في أسباب مثل هذه الخطابات، وإن كان أصحابها هم كما وصفناهم، إلا أن مجنون الحي يقول بصوت عال ما يقوله العقلاء بصوت خافت! فيجب قطع الطريق على أصحاب هذه الصوتيات بإصلاح الخلل بدل القفز على النتيجة وتجاهل السبب ( الطلي اعل ازغب).

 

لا يمكننا تقبل أي فعل أو قول من شأنه إثارة النعرات و تأجيج الضغائن و شد الحبل بين مكونات الشعب! لأن الحفاظ على اللحمة أولى من فرض الحلول..

 

و لكنه ليس من الإنصاف و لا من اللباقة وشم تصريحات المناضلين من أصحاب القضايا العادلة بخطاب الكراهية! و هل إن شيطنة هذا الرفض وهذه المطالبات الملحة يمثل فعلا حلا أو تجاوزا لأسبابها..؟ لا! فماذا وراء الأكمة ؟

 

إننا ندد بكل خطاب يدعو إلى العنف الجسدي أو اللفظي و ندعو إلى رص الصفوف و التصدي لكل أسباب المروق على القوانين..!

 

 

 

و لكننا في المقابل نود التنبيه إلى أن المسيرات و القوانين مهما تكن لن تثنينا عن المطالبة بالإنصاف و العدل بين المواطنين..!

 

أرفع هنا قبعتي للعديد من المدونين وأصحاب الرأي من كل مكونات الشعب الذين وصلوا مستوى عاليا من وضوح الرؤية و صدق التعبير عن الخلل الذي - إذا لم يعالج - سوف يعصف بمشروع وحدتنا.. ذلك المشروع الذي هو في منتهى الهشاشة لأنه عاجز حتى الآن عن أن يستوعب الاختلاف! و يراد لنا أن نسكت ! كلا ، لن نسكت و لن نخجل و لن نحابي! سوف نقول و بصوت عال - كما قال النائب الشاب محمد لمين ولد سيدي مولود وغيره من كبار التقدميين بأن هنالك غبنا ممنهجا و تراتبية في المجتمع و محاصصة قبلية في مختلف الوظائف العليا في الدولة و حيف في تقسيم الامتيازات والصفقات و في الاكتتاب و المسابقات و البيانات الخصوصية و مذكرات العمل و التحويل و الترقية و الترشيح والتوظيف و المنح و الرخص و القروض و التأمينات و الرفع للخارج و تقسيم القطع الأرضية السكنية و الزراعية و حل النزاعات العقارية و المداخلات.. و غياب إرادة صادقة في إصلاح التعليم أو صلته إلى مستنقع آسن ينتج التمييز و يكرس الغبن و يعيد إنتاج التفاوت و الظلم...!

 

كل ذلك نتج عنه مواطنون من الدرجة الأولى يسكنون أبراجا عاجية يتفرجون على شتات دولة أخرى يسكنون في أعرشة بين الأزقة و العمارات الشاهقة..! و مواطنون من الدرجة الثانية و الثالثة يراد لهم أن يعتبروا الأمر قدرا محتوما! كل من تناوله كما هو أو نبه إليه فهو عنصري ينشر الكراهية!

 

نعم لا يعني هذا مسؤولية مكون اجتماعي معين و لا يعني أن أفراد ذلك المكون قد استفادوا من الكعكة و السبب هو ( شين الشرك)، بل إن المسؤول الأول و الأخير هو النظام القائم (موالاة و معارضة) فبدلا من التدقيق في الأسباب البعيدة لرفع الصوت لجأت الحكومة إلى تعميم الشيطنة و تخويف الضحايا من خطورة التعبير عن الألم ! فهل يفهم من ذلك أن درجة الشعور بالذنب وصلت أوجها .. حتى لم يعد ولاة أمورنا قادرين على تحمل أنين الجياع و تضجر المطحونين و البؤساء الذين يكبلهم الصبر و يحدوهم الأمل! لقد طال حرمانهم و تعددت الأسباب و تراكمت حتى أصبح الأمل طوباويا بعيد المنال.. فهل إن العقاب أيسر من الإنصاف؟

 

قسموا بيننا الإقصاء و التهميش بالتساوي إن أنتم عجزتم عن تقسيم العدل والمساواة في الفرص!

 

فلينتبه الجميع إلى أن ذلك الخطاب - المستهجن مبدئيا - هو تعبير عن استياء أو رفض أو هو احتجاج على واقع ما.. و يجب على الحكومة تحييد الأسباب بما يجب من إجراءات و علاجات صارمة و صادقة و بعد ذلك التفكير في معاقبة المتمادين.

 

# حفظ الله موريتانيا

 

إبراهيم بلال رمظان