ملاحظات على هامش التسريبات المتعلقة بشركة "اسنيم" / محمد الأمين ولد الفاضل

سبت, 17/11/2018 - 22:26

تثير التسريبات المتعلقة بتقارير داخلية عن شركة "اسنيم" (عملاق الاقتصاد
الموريتاني )، وردود الأفعال على تلك التسريبات جملة من الملاحظات لعل من
أبرزها :
الملاحظة الأولى:
ليس من الحكمة أن ننشغل عن مضمون المادة المسربة التي تكشف عن حجم فساد
غير مسبوق أدخل عملاق الاقتصاد الموريتاني في غرفة الإنعاش، وذلك على
الرغم من الطفرة غير المسبوقة في مداخيل الشركة، ليس من الحكمة أن ننشغل
عن مضمون ذلك التسريب بالحديث عن الجهة المسربة، وإذا كان لابد من كلمة
عن الجهة المسربة والجهة التي نشرت التقارير فستكون تلك الكلمة عبارة عن
إشادة بوكالة الأخبار التي نشرت هذه التقارير الهامة، فمن حق وكالة
الأخبار، بل ومن واجبها أن تنشر أي تقارير ذات قيمة وذات مصداقية تحصل
عليها من أي جهة كانت، ولا أظن بأن هناك تقارير ذات مصداقية وقيمة أولى
بالنشر من الناحية الإعلامية أكثر من التقارير التي نشرتها وكالة الأخبار
عن فساد شركة "اسنيم".
إن هذه التقارير هي في غاية الأهمية، ويعتبر نشرها حدثا إعلاميا يستحق
الإشادة، حتى وإن ثبت أن الجهة التي سربت تلك التقارير ذات علاقة بالوزير
الأول السابق كما يعتقد الكثيرون، وحتى وإن ثبت أيضا أن الهدف من تسريب
تلك التقارير كان من أجل الوقوف ضد تعيين الوزير الأول الجديد، وذلك
أسلوب من أساليب الوزير الأول السابق في مواجهة خصومه ومنافسيه.
وتبقى أسئلة لابد من طرحها من قبل الانتقال إلى الملاحظة الثانية، وهي
أسئلة من قبيل:  كيف نجا الوزير الأول السابق من "جريمة" تسريب هذه
التقارير إن كان هو من يقف حقا وراء تسريبها؟ ألا يشكل تسريب هذه
التقارير في مثل هذا الوقت بالذات أكبر ضربة يمكن أن توجه لشخص الرئيس
ولد عبد العزيز؟  ألا تدين هذه التقارير الرئيس ولد عبد العزيز أكثر من
غيره، وذلك بوصفه هو المسؤول الأول عن هذا الفساد الكبير الذي تحدثت عنه
التقارير المسربة؟
الملاحظة الثانية:
بعد نشر الحلقة الأولى من هذه التقارير، اتخذ الرئيس ولد عبد العزيز
قرارا غريبا عين بموجبه المدير السابق لشركة "اسنيم" وزيرا أول.
القرار الغريب الآخر الذي اتخذه الرئيس ولد عبد العزيز هو تعيين المدير
السابق لميناء الصداقة مديرا لشركة "اسنيم" في مثل هذا الظرف العصيب الذي
تمر به الشركة. فلماذا تم اختيار شخصية صدامية لإدارة شركة "اسنيم" في
مثل هذا الوقت العصيب على الشركة؟ هل يريد الرئيس ولد عبد العزيز بذلك أن
يستفز عمال الشركة أكثر وأن يجبرهم على أن يعبروا علنا عن غضبهم؟ ولماذا
لم يختر ولد عبد العزيز شخصية غير صدامية قادرة على التخفيف من غضب عمال
"اسنيم" في مثل هذا الوقت العصيب؟ وهل القرار بتعيين شخصية صدامية على
إدارة شركة "اسنيم" في مثل هذا الوقت العصيب يدخل في إطار سياسة
الاستفزاز وخلق التذمر التي أصبح ينهجها الرئيس ولد عبد العزيز في الفترة
الأخيرة، وفي كل مكان، ودون أن يُعرف سبب ذلك؟
الملاحظة الثالثة
وتتعلق هذه الملاحظة بردة الفعل البلهاء والباردة التي تعاملت بها
المعارضة الموريتانية وكل القوى الحية مع هذه التقارير الخطيرة التي
تتعلق بدخول عملاق الاقتصاد الموريتاني، ورمز من رموز السيادة في البلاد
في مرحلة الاحتضار، فحتى كتابة هذه السطور فإننا لم نسمع عن بيان واحد من
أي جهة معارضة يندد بالفساد الذي تتعرض له شركة "اسنيم"، والذي كشفت
التقارير المسربة عن حجمه المخيف. أما إقامة الندوات حول الفساد، والخروج
في المسيرات المنددة بذلك الفساد فتلك أمور لا يمكن أن نتوقعها من معارضة
كانت قد دخلت في إجازة مفتوحة منذ الإعلان عن نتائج انتخابات سبتمبر
2018.

حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين ولد الفاضل