المرونة أولى / الولي سيدي هيبه

سبت, 10/11/2018 - 15:53

فخامة رئيس الجمهورية،

صحيح ما ذهب إليه بعض المحللين الذين انتشرت تحليلاتهم في كل وسائل الإعلام كالنار في الهشيم، تميط اللثام عن ضعف أو شبه انعدام تبادل البلد الاقتصادي و التجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية و في كل المجالات الأخرى؛ تحليلات وردت ضمن تعقيبات جاءت متسارعة و مرتجلة على قرار الأخيرة بخصوص المبادرة الأمريكية لتشجيع التجارة مع الدول الإفريقية المعروفة اختصارا بـ AGOA ، كما هو صحيح أنه بالنتيجة لا تأثير مباشرا يترتب على شطب موريتانيا من قائمة الدول الإفريقية المستفيدة منها.

و لكن غير صحيح أن القرار سخيف و لا يحمل أية أهمية يمكن أن تنعكس سلبا على البلد، فذاك قصر نظر ليس له لزوم و ضعف تقدير ينم عن جهل الواقع و موازين قوى العصر و مميزات الحاضر، و إنما تقتضي الحكمة تقدير الأمور حق قدرها و التعامل معها بما يمليه مسار الأحوال من مرونة و حنكة و تأن و بعد نظر و دبلوماسية و حذر و رعاية قصوى للمصالح. فالولايات المتحدة الأمريكية لا تحتاج إلى علاقات مادية أو حضور ديناميكي لاتخاذ قراراتها في كل شؤون و مناكب العالم، لأن مجتمعها المدني و حزبيها الكبيرين و غرفها النيابية و إعلامها هي وسائلها إلى اتخاذ تلك القرارارت الصائب منها و الجائر على حد سواء.

فخامة رئيس الجمهورية،

إنه على العكس من بعض التصريحات النارية المتهورة، التي صدرت و تفعل عن بعض المسؤولين و الإعلاميين الزائدي النشاط، فقد جاء البيان الحكومي على لسان وزارة الخارجية متوازنا و دبلوماسيا بما يتطلبه الموقف و ما يمليه واجب التريث و ضرورة أخذ الحيطة من الوقوع في الشطط  و تهويل الأمر و هو في محل التدارك.

و حتى لا يكون التصعيد باتجاه البلد في غنى عنه لا بد من كبح جماح المتهورين و فرسان الطواحين الدنكشوتيين، و الانتهازيين، و الناريين، و التصعيديين، و الغرضيين و من على شاكلتهم من قصار النظر و متخلفي القراءة لواقع العصر و ما يتسم به من قوة الخصوم في المعتقد و الحضارة و الانتماء، فلا تتفاقم الأمور و هي ما تزال في طور الإثارة و إمكانية الإعداد بكياسة و لباقة و هدوء و حرفية و ديبلوماسية الوسائلَ و الحجج و البراهين و الأساليب و كل مقتضيات و متطلبات الوقوف بالمرصاد لمحاولات الزج بالبلد في أتون قضايا إن بدأت و لم تعالج بحكمة لا يعلم أين قد يصل مداها.

فخامة رئيس الجمهورية،

و من هنا فإنه يتعين أمران:

·        الأول هو تحديد المنطلقات لمواجهة هذا القرار الأمريكي المستجد باتجاه البلد، و وضع الأمور في قالب الجد بأناة و حصافة و اتخاذ القرارات الحكيمة التي تليق بالبحث عن الاستقرار و تجنب مزالق التهور و التحدي،

·        الثاني مراجعة بنية القطاع المكلف بحقوق الإنسان مراجعة تليق بالأهداف السامية التي تهمكم و قد حققتم فيها إنجازات هامة لا ينكرها إلا من لا يتسم الصدق و الرشاد، بأن تختاروا له أكفاء لهم في المسألة باع طويل و تجربة نافذة و زكتهم مواقفهم و معالجاتهم للملفات المتعلقة بالرق و الإرث الإنساني و قضايا وملفات أخرى تثار على حد سواء بحسن النية تارة و بخبث الطوية و قصد الإساءة إلى البلد و جره إلى أتون خلافات تارة أخرى. و في كلا الحالتين فإن الإقدام إلى المعالجة الصريحة و المفتوحة هي أنجع و وسيلة و أمضى سلاح إلى إخراس المتربصين و توطيد العلاقات الإيجابية مع الدول الديمقراطية لضمان استقرار البلد لخير شعبه و صالح تنميته.